اغتصبها أمام أبنائها
لاحظت، أخيراً، أن مزاج القارئ العربي بدأ بالانحراف نحو «الأكشن» والإثارة، بعد أن ملّ السياسة وقضايا السياسة وملفات السياسة، ولن تحتاج إلى جهد حتى تتعرف إلى مزاجه.. فمجرّد دخولك على زاوية الأخبار الأكثر قراءة تراها متأرجحة بين الاغتصاب وهتك العرض والخيانة الزوجية ورفع قضايا بالمحكمة تفيد التحرّش، في أحيان قليلة تحتل المناكفات السياسة اهتمامات القرّاء إذا ما صنّفت تحت التحرّش.
بالمناسبة أطلب من القارئ المسامحة أكثر من مرة: الأولى بسبب اختياري لهذا العنوان الفجّ، فالقصة أقسى من العنوان نفسه، ولا يمكن أن نتجاوزها أو نجمّلها بأقل من الكلمات أعلاه.. والثانية أنه لن يجد التفاصيل المتخيّلة والمشوّقة التي اصطاده العنوان وأحضره ليتورّط بهذه السطور، لن أقوم بسرد ما جرى على طريقة صحف الحوادث أو زاوية من أروقة المحاكم، فهذا الاغتصاب قديم ومزمن ومازال يجري كل يوم.. للمرة الثالثة سامحني أيها القارئ العزيز: وددت تذكيرك بفلسطين كقضية لا تذوب في ذكرى النكسة.. قد نمل السياسة نعم قد نملّ ملفات السياسة نعم، لكن ليس بوسعنا أن نملّ القضايا العربية، لأنها جرحنا المفتوح، لأنها هويّاتنا وسؤال وجودنا ومرضنا المزمن الذي يجب أن نبحث دوماً عن شفائه أو على الأقل تخفيف آلامه. سامحني ففي ظل تزاحم المسلسلات ، وفي ظل ازدحام وقتك وحيرتك بالتنقل بين القنوات الأكثر مشاهدة كان عليّ أن أزجّ اسم «فلسطين» في ظل كل هذا الخدر، كان عليّ أن أمرر اسمها كدبّوس في ظل هذا السُّكر العربي والخلاف العربي والانقسام العربي.. سامحني عزيزي إن خدعتك بالعنوان لتتورط بالتفاصيل مجرد أن قرأت فلسطين مرة واحدة بالنسبة لي هذا إنجاز في ظل هذا الغياب.. سامحني أن خدعتك مع إيماني أن التذكير بالأوطان ليس خدعة، وإنما جرعة لابد منها لنبقى على قيد عروبتنا..!
عزيزي القارئ كما تدعو لأبنائك ومرضاك وأقربائك قبل الإفطار تذكر أوطاناً غائبة ومريضة ومسجونة ومتخاصمة! ادع.. فهي أحوجنا للدعاء.
ahmedalzoubi@hotmail.com
لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .