الصحافة الورقية من منظور آخر
تواجه الصحافة الورقية تحديات بالغة منذ بداية القرن 21 وحتى اليوم، وتتعلق بمصير الصحافة المطبوعة أو الورقية، في ظل بزوغ الإعلام الرقمي، وانتقال الكثير من القراء إلى النسخة الرقمية، متمثلة في الموقع والتطبيق الإلكتروني.
الكثير منا سلّم وراهن على موت الصيغة الورقية منذ بداية هذا العقد، وهو ما لم يحدث لأن المعلن لم ينسحب، ومبيعات الجريدة، سواء مساحات إعلانية أو اشتراكات، تفوق نظيرتها على الموقع.
الإعلام الرقمي، منذ ظهوره إلى الآن، أشبه بمختبر تجارب فوضوي، حيث الكل يريد تطبيق تجارب يعتقد أنها أثبتت نجاحها، أو تطبيق ما لايزال في طور التجربة، والسبب أن هذا الإعلام سريع التطور، وبالتالي لم ينضج، وربما لن ينضج.. بينما الصحافة الورقية ناضجة بشكل كامل وعمرها 400 سنة.
دعونا ننظر إلى الصيغة المطبوعة الناضجة التي نريد التخلي عنها لنكشف بعض ما نتجاهله:
• الكثير منا سلّم وراهن على موت الصيغة الورقية منذ بداية هذا العقد، وهو ما لم يحدث لأن المعلن لم ينسحب، ومبيعات الجريدة، سواء مساحات إعلانية أو اشتراكات، تفوق نظيرتها على الموقع. |
أولاً، التاريخ يتذكر جيداً أول صحيفة تأسست في العالم، وكل منا يستطيع ذكر أول صحيفة أنشئت في الدولة رسمياً، لكن من يتذكر متى تأسس أول موقع إلكتروني لصحيفة في الدولة؟ ومن يهتم!
ثانياً، كلنا نتوقف عند أي إعلان بارز بشكل جيد في الصحيفة، لكن بمجرد أن يقفز إعلان في وجوهنا في أي موقع إخباري نتضايق ونسارع إلى إغلاقه.
ثالثاً، كل من يقرأ الجريدة الورقية يشتريها أو يشترك معها، بينما بيع المحتوى الرقمي أسهم في خفض زوار كل المواقع الإخبارية العالمية (دليل على ميل الناس لقراءة الصيغة الورقية أكثر من الإلكترونية)، ولا ننكر أن من ميزات بيع الاشتراكات رقمياً ارتفاع جودة المحتوى في الولايات المتحدة مثلاً.
رابعاً، العمل على تطوير الصحيفة الورقية خيار أفضل وأقل كلفة، وأسهل من تجربة أشياء مجهولة النتائج في مختبر الإعلام الرقمي، لسبب بسيط أن الصيغة الورقية هي أصول، أي صحيفة وليست عبئاً ثقيلاً، كما التصور غير السليم الشائع اليوم.
خامساً، ميزات تنافس أي صحيفة في الصيغة الورقية وليست في الموقع الإلكتروني، فكما لا تستطيع «غوغل» إدارة أي صحيفة، بالمقابل تواجه أي صحيفة تحديات بالغة في إدخال الأموال عن طريق الموقع الإلكتروني وهو اختصاص «غوغل».
سادساً، نحن في الدولة نفتخر بوضع صور لحكامنا يقرأون الصحيفة الورقية على مداخل مقار الصحف ليراها الجميع، هذا أكبر دليل على أهمية وهيبة وحجم الصيغة الورقية التي نقول إنها تموت.
سابعاً، الصورة الكلاسيكية الراسخة في العالم عن الشخص المطلع، ونراها في الأفلام والمسلسلات، هي لشخص يقرأ الأخبار من الصحيفة الورقية، وليس أبداً من موقع إلكتروني.
ختاماً، في دراسة أجريت بالولايات المتحدة الأميركية أربع مرات، أعوام 2000 و2002 و2007 و2013، أعطي فريق متطوعين مجموعة صحف، وفريق آخر طلب منه قراءة أخبار من المواقع الإلكترونية للصحف نفسها. النتيجة أن الفريق الأول استطاع تذكر أي صحيفة قرأ فيها كل خبر، بينما عجز الفريق الثاني عن التذكر.. وللحديث بقية.
Abdulla.AlQamzi@emaratalyoum.com
لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .