هل فعلاً قطر «شقيق أصغر»؟!
على الرغم من دهائه البالغ، الذي مكّن من تغيير أنظمة حكم في أنحاء مختلفة من الوطن العربي، ومن تدمير دول تفوق بحجمها وإمكاناتها أضعاف حجم «دولته» الصغيرة، التي خطط منها مؤامراته الكبيرة، إلا أن ذكاءه الشديد قد خانه هذه المرة، ولم يرشده إلى الطريق الصحيح المؤدي إلى حل أزمة قطر، وإعادتها إلى منظومة الدول الخليجية، بعد أن أصبحت منبوذة!
طريق الحل واضح وبسيط، ولا يحتاج إلى جهد في التفكير، فهو أقل بكثير مما بُذل من وقت ومال على المؤامرات والدسائس والألاعيب التي قادها حمد بن جاسم شخصياً، ووظّفها في إلحاق الدمار ونشر الفوضى عبر أنحاء الوطن العربي، والآن يريد القطريون نقل هذا المرض إلى دول مجلس التعاون، لتقويض أمنها واستقرارها، إرضاءً لغرور شخصي وعقد نفسية متأصلة في شخصية حمد بن جاسم!
خرج حمد بن جاسم يطلب حلاً من الولايات المتحدة الأميركية، في حين أن مشكلة قطر هي مع جيرانها ومحيطها العربي، وليست مع أميركا، فالدسائس القطرية لا تضرّ أميركا بشيء، ودعمها وتمويلها للإرهاب وتنظيماته، ودعمها للخارجين على القانون، يمسّ أمن دول المجلس والدول العربية بشكل مباشر، بخلاف أميركا، التي لا تجرؤ قطر على إزعاجها بأي شكل من الأشكال!
حمد بن جاسم يطالب الدول الخليجية بالنظر إلى قطر كشقيق «أصغر»، متجاهلاً أن خلف هذه الكلمة «تحديداً»، تقبع تلك العقدة القديمة المتجددة، التي تعانيها دولته وقادتها، فهذا «الصغر» هو سبب المشكلة، إذ إن الشقيق الأصغر يريد دائماً أن يناكف الكبار، وأن يثبت لهم قبل غيرهم أنه لم يعد صغيراً، ولتحقيق هذه الغاية لجأ إلى أسلوب الأذى والغدر وسيلة لفك تلك العقدة، ووظّف منصات الإعلام المخرّب، وجماعة الإخوان والتطرف والإرهاب، كأدوات يمكن أن تجعل منه كبيراً، وأن تزرع له أنياباً يؤذي بها أشقاءه، ليرضي غروره وطموحه، كي يتوهم أنه كبير!
قبل أن يطالب حمد بن جاسم دول المجلس بالنظر إلى قطر كشقيق أصغر، عليه أن يسأل نفسه أولاً، ودولته ثانياً، هل تعرفون معنى كلمة «شقيق»؟ إذا كانوا يعرفونها، فأي شقيق ذلك الذي يتدخل بسوء نيّة في شؤون أشقائه، ويتآمر ليل نهار من أجل إلحاق الضرر بأمنهم واستقرارهم، وأي شقيق ذلك الذي يتمنى زوال شقيقه من الوجود، ويؤوي لديه ويدعم ويموّل من يسعون لتدمير أشقائه، ويهدفون لنشر الفوضى بينهم؟! لا يوجد شقيق، صغيراً كان أو كبيراً، يفعل هذا، لكن يبدو أن حمد بن جاسم لديه مفهوم مختلف لمعنى هذه الكلمة، خلافاً لما نعرفه جميعاً!
الحل واضح وسهل، ولا يحتاج إلى أن يرهق حمد بن جاسم نفسه أبداً وهو في مرحلة «التقاعد»، وبلا صفة رسمية، للتوجه إلى واشنطن للحديث من هناك مع «أشقائه»، وعبر الإعلام الأميركي، في حين أن جميع منصات الآلة الإعلامية القطرية، التي أنفق عليها بنفسه مليارات الدولارات، لم تبث أو تنشر أيّ منها تصريحاته.. إن كان فعلاً يريد الحل فعليه إقناع حكومة بلاده بالتخلي عن سياساتها التخريبية، وإقناع الأمير بأن يلتزم بتعهدات اتفاق الرياض التي وقّع عليها بنفسه، ولم يلتزم بشيء مما جاء فيها، فهذا هو السبيل لعودة الشقيق إلى أشقائه، وإلا فلا داعي للمناورة والتلاعب بالكلمات، وليتحمّل الشقيق الأصغر نتيجة عدم اعترافه بوزنه وحجمه وموقعه بين أشقائه الكبار!
reyami@emaratalyoum.com
twitter@samialreyami
لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .