المال لتوفير الحليب أفضل من تمويل الإرهاب!
الدول التي قاطعت قطر لا تحمل مقصاً ستستخدمه فور انتهاء المهلة الممنوحة للحكومة القطرية على قائمة المطالب التي تقدمت بها، ولن تكون هناك ضجة كبيرة، فهذه الدول رزينة وهادئة، وتتبع سياسات بارعة في ممارسة الضغوط تلو الأخرى، حتى تصل إلى هدفها المنشود، وهو إعادة الأمن والأمان إلى الدول العربية بشكل عام، ودول مجلس التعاون على وجه الخصوص، وتجفيف منابع الإرهاب من التمويل القطري السخي!
السعودية والإمارات والبحرين ومصر ليست في وضعية استعجال، والإجراءات التي اتخذتها منذ بداية قرار مقاطعة قطر حققت الكثير من الأهداف، وقطر ـ رغم المكابرة ـ هي التي تقبع في خانة الضعف، وتعاني المقاطعة، والأرقام لا تكذب أبداً، ولذلك عليها هي أن تطلب الحل، وهي ستفعل ذلك، عاجلاً أو آجلاً!
وحتى يحين هذا الأجل، لابد من ممارسة مزيد من الضغوط الاقتصادية والسياسية، فهي وحدها كافية لإجبار قطر على التخلي عن دعم وتمويل الإرهاب، والابتعاد عن التنظيمات الإرهابية، كرهاً لا طوعاً، فالعالم المتضرر من الإرهاب في كل مكان ستزيد قناعته، يوماً بعد يوم، بضرورة تجفيف مصدر التمويل الرئيس للإرهاب، والمتمثل في الحكومة القطرية!
لن يضر الدول المقاطعة لقطر استمرارها في إجراءات المقاطعة أشهراً أو حتى سنوات، لكن قطر ستتضرر، وبشكل كبير، رغم تدليس وكذب وسائل الإعلام القطرية في هذا الشأن. صحيح أن الدوحة ليست محاصرة، وتستطيع أن تستورد ما تريده من بضائع من تركيا وإيران، لكن كلفة هذا الاستيراد ستكون بأموال مضاعفة، وصحيح أيضاً أن قطر دولة غنية، ولا مانع لديها من دفع ضعف قيمة الحليب والخضراوات لضمان وصولها طازجة في طائرات خاصة، إلا أن انشغال السياسيين والاقتصاديين القطريين بدفع الأموال لتوفير الحليب للشعب، أفضل بكثير من تفرغهم لإرسال هذه الأموال في حقائب، وعلى متن طائرات خاصة، للإرهابيين في كل مكان!
المقاطعة الحالية نجحت كثيراً في الحد من التحركات القطرية المشبوهة، وشغلت الحكومة القطرية عن نشاطاتها الداعمة للإرهابيين في أماكن كثيرة، والأهم من ذلك كشفت بكل وضوح الأدوار القطرية المشبوهة في مختلف المناطق العربية، والدور الخبيث لقناة الجزيرة، وعملاء قطر وتنظيم الإخوان، في نشر الفتن بين الشعوب العربية، كل ذلك أصبح على المكشوف دون مواربة، ودون مجاملة للجار غير النزيه، فلم يعد هناك شيء خفي، لذلك فالتحركات القطرية الآن لن تكون بسهولة الماضي، ولا بأريحيته.
لذلك، فإن مزيداً من الضغوط والإجراءات التصاعدية، حتماً سيؤدي إلى نتائج إيجابية، خصوصاً أن عامل الوقت هُنا ليس في مصلحة قطر، بل هو سيف مسلط تزيد حدته يوماً بعد يوم، والأيام كفيلة بإخضاع قطر، ولو لم تستجب للمطالب، ولو غادرت مجلس التعاون!
twitter@samialreyami
reyami@emaratalyoum.com
لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .