أكذوبة «هوليوود ليست كل شيء»
هناك فكرة منتشرة في المجالس بكثرة، ويتشدّق بها كل من ليست له أي صلة بمشاهدة الأفلام والمسلسلات، ولا له صلة بإنتاجها. الفكرة قد تسمعها لو كنت من متابعي هوليوود. المتشدق يوجه الكلام إليك، ويقول: ألا تشاهد أفلاماً غير أميركية؟
• روّجوا عبارة: «الجزيرة تصنع الخبر» منذ 17 عاماً، نسبة لما بثته تلك القناة «الإخوانجية» الساقطة من مواد تحريضية وأكاذيب، دمرت الشباب والمجتمعات العربية. |
الجواب واقعي جداً، لكنه يُفهم بصورة خاطئة، وهو: هل هناك شيء غير الأميركي؟! المقصود هل هناك في الصالات شيء غير أميركي وليس القصد بالمطلق!
فينظر إليك محدثك مؤنباً: ألا تشاهد أعمالاً فلبينية أو بوسنية أو من مالاوي؟! ويكون جوابي: حتى لو كانت متوافرة في الصالات فلن أشاهدها. فيقطب المتحدث حاجبيه باستنكار ويقول ألا تريد توسيع مداركك؟ جوابي بسؤال: هل تقرأ صحف اليابان كل صباح؟ يستغرب محدّثي ويقول: لا طبعاً. فأردّ عليه بالمنطق نفسه: وحتى أنا لا أوسع مداركي بشيء غير الأميركي، أو أقول لو قرأت أنت صحف اليابان كل صباح سأشاهد أنا عملاً غير أميركي.
الشريحة المذكورة أعلاه متأثرة أصلاً بشريحة المتشدقين، سواء من داخل صناعة الأفلام (عربياً) أو القريبين منها الذين ينظرون إلى هوليوود بنظرة ارتياب شديد، ممزوجة بحقد ومبهرة بنظرية المؤامرة المهترئة، وهم أنفسهم الذين روّجوا عبارة: «الجزيرة تصنع الخبر» منذ 17 عاماً، نسبة لما بثته تلك القناة «الإخوانجية» الساقطة من مواد تحريضية وأكاذيب، دمرت الشباب والمجتمعات العربية.
لا مانع أبداً من مشاهدة أي عمل غير أميركي، لكن أن نقول أو نشير إلى أن هوليوود ليست كل شيء، كما يفعل هؤلاء المتشدقون، كأننا ننكر وجود السمك في البحر. هوليوود التي يقللون من شأنها، تعتبر مؤسساً لصناعة السينما في العالم، إلى جانب السينما الأوروبية الناشئة في بداية القرن العشرين.
هوليوود لم تنكر استلهامها من السينما الألمانية واليابانية والأرجنتينية والصينية وغيرها، وأمركة العمل وذكر مواطن التغيير من العمل الأصلي، لكن ماذا عن أولئك الذين كذبوا بأن مهرجانات السينما الدولية احتفت بأعمالهم، وتجاهلت أعمال هوليوود، والكثير من أعمالهم مستلهم من أفكار هوليوود.
هوليوود حتى لو أفلست تجدد نفسها، وعندما تقتبس تذكر مصدر اقتباسها، لكن أين الأعمال العربية الأصلية وغير الأصلية - التي لا تذكر مصدر اقتباسها - المؤثرة التي نشرت الثقافة والأفكار والقيم العربية؟ هل يذكر أي شخص أين شاهد صالة تعرض فيلماً بوسنياً مثلاً في الدولة؟ المعروض في الصالات يعكس اهتمامات الجاليات التي تعيش في الدولة، هذه المسألة برمتها.
حتى الصين، التي تتمتع بثالث أضخم صناعة أفلام في العالم (بوليوود أولاً، وهوليوود ثانياً، في عدد الأفلام المنتجة سنوياً)، تخصص وقتاً في السنة، لتمنع بموجب قرار حكومي الأفلام الأميركية من صالاتها، وتعرض المنتج المحلي. هذا معناه أن الموزع الصيني يفضل هوليوود على المنتج المحلي، ولم يقل هوليوود ليست كل شيء.
ختاماً: شئنا أم أبينا، وبعيداً عن السياسة والمؤامرات البالية، هوليوود هي كل شيء، هي المعيار وهي المجدد، وهي الرقم الصعب في صناعة الترفيه. هي من يقود ويقرر وينفذ، هي المتبوع وليست التابع، هي الصناعة الأكثر تنظيماً والأقوى تأثيراً، أما الأعمال غير الأميركية فتضيع ولا نسمع بها، أو قد تجدونها هناك في فوضى «يوتيوب».. فكفانا كذباً على أنفسنا!
Abdulla.AlQamzi@emaratalyoum.com