حظّاً أوفر
اكشط واربح، اقلب الغطاء، حك الكوبون، امسح الكرتون، انزع الغلاف، اجمع الأعواد، ابحث عن الصورة.. جميع هذه العبارات مرّت عليّ وجرّبتها ولهثت طويلاً خلفها، بحثاً عن الفوز أو الجائزة كمكافأة بسيطة للشراء المتواصل من السلعة نفسها.
مرة قامت شركة مثلجات بالإعلان عن جائزة لمن يجمع أعواد البوظة، التي تحمل الحروف الأبجدية كاملة، طبعاً المطلوب منك أن تجمع 28 حرفاً حتى تربح «حبّة» بوظة إضافية من المحل، يعني يجب أن تنفق موازنة دولة كاملة حتى تربح بوظة مقلّصة بحجم الإصبع الخنصر، ثم أن حرف الضاد دائماً مفقود مهما حاولت الجمع، أصلاً هو مفقود في السياسة والقوى اللاعبة والحضور العالمي وفي البوظة أيضاً.
***
شركة «كولا» بثّت إعلاناً تحث فيه المستهلك على ضرورة النظر إلى خلف الغطاء حتى يربح إحدى الجوائز التالية «أتاري»، «دراجة هوائية»، «كرة قدم»، «طاقية»، ما سبب لي هوساً شخصياً، كلما شاهدت غطاء علبة كولا على الأرض انحنيت وقلبته ونزعت رقاقة المطاط خلف الغطاء المعدني، في الطريق في الجامعة أمام مدارس البنات في المستشفيات قرب المراكز الأمنية أمام المقاهي، كلما شاهدت غطاء علبة كولا على الأرض انحنيت بكامل وقاري، ثم نظرت ذات اليمين وذات الشمال ونزعت رقاقة المطاط علّي أربح، ودائماً كنت أربح «حظّاً أوفر»، طبعاً انتهت المسابقة منذ سنوات، لكن الهوس مازال مستمراً إلى اللحظة مازلت أضعف وتنتهي مقاومتي أمام غطاء الكولا المرمي.
زوجتي دعتني لشراء «كونتينر 40 قدماً» من الأرز في واحدة من حملات الشراء، لتربح سبيكة ذهبية في الكوبون المدسوس داخل حبات الأرز، والنتيجة كل العائلة عندي صارت تعاني السُمنة المفرطة والدهون الثلاثية، والبحث مازال جارياً عن السبيكة.
الغريب أنه حتى هذه الجوائز طالها نفحات الحداثة، أول أمس، قرأت إعلاناً لإحدى شركات المشروبات الغازية تقول: انظر خلف الغطاء لعلك تربح «1 غيغا» بايت إنترنت، أو «500 ميغا يومياً»، فتيقنت أن زمن «الطواقي» و«البوظة» و«الكمية الإضافية» من الأرز ومكعبات مرقة الدجاج ولّى إلى الأبد، والآن زمن «طقّ الحنك» والكلام والخمول، ليس المهم أن تكون الأمة ضعيفة، ما دام الـ«واي فاي» قوياً.
ahmedalzoubi@hotmail.com
لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .