لا حوار من أجل المزيد من الحوار!
لا جدوى من الجلوس على طاولة للتحاور حول مزيد من الحوار، هذا مبدأ الدول المقاطعة لقطر، ولاشك في أن لديها كل الحق في ذلك، فالتحاور انتهى وقته منذ فترة طويلة، لم تقدم خلالها قطر أي جديد حول إنهاء أسباب الخلاف مع جيرانها، ذلك الخلاف القائم على تهديدات مباشرة من قطر لأمن واستقرار دول المقاطعة، وتدخلها بشكل سافر وخطر في الشؤون الداخلية لتلك الدول، لذا فلا فائدة تذكر ولا جدوى من الدعوة التي تطلقها قطر حالياً بضرورة الجلوس للحوار، وقبل ذلك إعادة الأوضاع إلى ما هي عليه قبل الإجراءات التي اتخذتها الدول الأربع ضدها!
السعودية والإمارات والبحرين ومصر، لم تتخذ هذه القرارات في يوم وليلة، ولم تتبلَّ على هذه الدولة الصغيرة دون وجه حق، وهي لم تقاطعها كي تكسر سيادتها، هناك أدلة وبراهين، وهناك خطر حقيقي يهدّد أمن هذه الدول من قبل جماعات إرهابية تموّلها قطر، لا يمكن إغفال هذه الحقيقة أو تجاهلها، وهذا ما تحاول أن تفعله قطر دائماً، من خلال سياسة تمييع الحقائق، والدخول في تفريعات النتائج التي أدت إليها هذه الحقيقة!
وهذا ما اتضح جلياً في تصريحات مدير مكتب الاتصالات الحكومية القطرية، الشيخ سيف بن أحمد آل ثاني، لهيئة تحرير صحيفة «لوس أنجلوس تايمز»، حيث واصل اتباع سياسة ليّ الحقائق والكذب والتقية، وهو بالضبط ما تقوم به الحكومة القطرية منذ سنوات طويلة!
يكذب على نفسه وعلى غيره، ويصدّق كذبته، فيقول «اتهمونا بدعم (الإخوان المسلمين)، ونحن عملنا معهم عندما شكّلوا حكومة رسمية، ولم نتعامل معهم كحزب»، ويبدو أنه لم يستمع لتصريحات القرضاوي الشهيرة، التي اعترف فيها بأنه عمل مع حمد بن خليفة منذ عام 1996، على دعم الثورات العربية كافة، بدءاً من تونس إلى مصر وليبيا واليمن، وسخّرت خلالها قطر إمكاناتها المالية والإعلامية كافة، ولم تبخل حتى بالسلاح والرجال «رغم قلة عددهم»، فهل كان «الإخوان» في تلك الفترة يشكلون أي حكومة في تلك الدول؟!
هل يتغابى أو يتناسى تقديم قطر دعمها الكامل، المالي واللوجستي، وتوفيرها الملاذات الآمنة، والوثائق اللازمة لـ«إخوانية» الإمارات الهاربين من العدالة، بسبب خططهم الإجرامية لقلب نظام الحكم في الإمارات، فهل كان هؤلاء الهاربون يشكلون حكومة رسمية يتعامل معها القطريون، أم أن هذه خيانة قطرية لحكومة رسمية كانت تعتبرهم جيراناً وأخوة وأرحاماً؟! والأمر لا يقتصر على «إخوان الإمارات»، بل إن قطر وفّرت الملاذات الآمنة والمنابر لكل المعارضات الإسلامية، وكان هذا هو دورها الذي وجدت من أجله، وهذا لا يجوز ولا يستقيم بأي حال من الأحوال، لأن العالم تحكمه منظومة قوانين، أهمها الحفاظ على مصلحة الجيران، وعدم تعريضهم للخطر، وتنظمه مجموعة من التوازنات التي يجب عدم الإخلال بها.
لم تعد الأمور خافية على أحد، ولا مجال لتحوير مشكلة أمنية خطرة إلى قضية هامشية، وليس صحيحاً ما تفوّه به هذا الشخص، من أن سبب الخلاف هو «اختلافات في الرأي»، لا يوجد رأي حين يوجد الفعل، ومشكلتنا مع قطر في فعلها، وليس في رأي مسؤوليها، ما فعله تنظيم «الحمدين» هو فعل مشين، وعار حقيقي، لن ينساه التاريخ، لقد دمرا دولاً عربية، وشردا شعوباً، وتسببا في إفناء مئات الآلاف من البشر في كل زاوية من زوايا الوطن العربي الكبير، لقد تآمرا بالصوت والصورة على جيرانهما في السعودية والبحرين، وأبطنا الحقد والكره لدولة الإمارات، وحاولا النيل منها عبر مجموعة من الخونة الهاربين، ووجها أبواقهما ومرتزقتهما من الإعلاميين لمهاجمة الإمارات ليل نهار، لقد فعلا كل فعل قبيح ضد الإمارات والدول الخليجية والعربية بشكل عام، ومازالا يصرّان بهتاناً وكذباً على أن سبب المشكلة «اختلافات في الرأي».. عفواً أيها المدير فإنك، وكما هو متوقع، تواصل سياسة الإنكار والكذب التي تتبعها حكومتك، ولم تأتِ بجديد!
twitter@samialreyami
reyami@emaratalyoum.com
لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .