كل يوم
طرد طالب من مدرسة ليس قراراً شخصياً!
طرد طالب من مدرسة، وإن كانت مدرسة خاصة، ينبغي ألا يكون مسألة سهلة، تطبقها إدارات المدارس الخاصة لأي سبب تراه، فهذا القرار ينبغي ألا يكون قراراً يقع ضمن صلاحية مدير أو مديرة المدرسة، بل هو قرار سيادي للدولة ممثلة في الجهات المشرفة على التعليم، فالطالب المواطن هو مشروع حكومي، ترجع مسؤولية بناء مستقبله وتوجيهه إلى الدولة، ولا يملك شخص بدرجة مدير مدرسة، أياً كانت جنسيته، أن يحكم عليه بالفشل والطرد من المدرسة.
حدث ذلك في مدرسة خاصة، تديرها مديرة أجنبية، قررت أن طالباً مواطناً في الصف الثامن هو شخص غير مرغوب فيه في مدرستها، بل وفي كل المدارس التابعة للمجموعة التي تعمل فيها، والسبب أنه مشاغب. وبغض النظر عن الجنسيات، فليست المسألة المهمة هي مديرة أجنبية وطالب مواطن، بل نحن نتحدث عن مدارس وتربية وتعليم، وهل يجوز طرد طالب صغير لأنه حركي أو نشيط أو مشاغب؟ هل هذا هو الحل المثالي لعلاج المشكلة؟ ولو افترضنا أن لهذه المديرة ابناً مشاغباً في المنزل، فهل قرارها سيكون أيضاً طرده من المنزل لحل المشكلة؟!
المشاغبة في الأعمار الصغيرة أمر متوقع، وأعتقد أن التربويين لديهم الخبرة الكافية في فن التعامل مع النماذج المختلفة من الطلبة، ولكل نوعية من هؤلاء الطلبة طريقة مختلفة للتعامل معها، ولذلك فإن الحكومة أطلقت على الوزارة المعنية اسم وزارة «التربية والتعليم»، ما يعني أن المسؤولية على المدارس تنقسم إلى شقين، شق خاص بالتربية، وهو الأهم، وشق آخر يتعلق بالتعليم، فهل من المنطقي أن تتنازل هذه المديرة عن مسؤولية المدرسة في شق التربية لتقرر طرد طالب وحرمانه من التعليم بسبب حركاته الطفولية؟! هل الحكمة تستدعي ذلك، أم أن الأمر يُظهر عدم امتلاك هذه المديرة الخبرة الكافية التي تؤهلها لتكون مديرة مدرسة!
آخر الدواء الكي، كما يقولون، كما أن الطرد من المدرسة هو آخر الحلول، لكن قبل إصدار قرار من هذا النوع، يجب أن تكون مسوغات ومبررات القرار منطقية، ويجب أن يكون جُرم الطالب كبيراً ومتكرراً، وفعله يستحق معه عقوبة كبيرة من هذا النوع، كما يجب أن يكون قرار الطرد أو الإيقاف أو النقل من المدرسة قراراً حكومياً من هيئة المعرفة في دبي، أو الجهات الأخرى المعنية بالتعليم في الإمارات الأخرى، أو وزارة التربية، ويصدر بعد تحقيقات موسّعة، لمعرفة الحيثيات والأسباب كافة، عندها نحن على ثقة بأن مسؤولي التعليم فيهم من الحكمة والخبرة ما يؤهلهم لاتخاذ القرار الصحيح، وإن كان قرارهم طرد الطالب من المدرسة، فحتماً سيكون ذلك بناءً على حيثيات ومبررات صحيحة، أما أن تتحكم مديرة مدرسة في مصير طالب، ولأسباب في الغالب «شخصية»، فهذا أمر غير مقبول، ويجب وقفه في جميع مدارس الدولة، الخاصة قبل الحكومية!
twitter@samialreyami
reyami@emaratalyoum.com
لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .