أفلام الرعب ليست ترفيهاً
خالد مصبح السويدي صديق مقرب ومن متابعي السينما شاهد فيلم رعب أخيراً، وبعث لي ملاحظة: «الجمهور قليلين أدب.. لأنهم كانوا يضحكون.. ما أعرف شو السبب».
أفلام الرعب تعرف علمياً بأنها المنتج السينمائي الوحيد الذي يهدف إلى إثارة الخوف في أنفس المشاهدين، فنحن نقصدها وندفع لها لأننا نريد أن نخاف. مشاهدة أفلام الرعب مثل مشاهدة أسد في سيرك، فهناك خوف كامن فينا، ونأمل ألا يخرج الأسد عن أمر مروضه ويهجم عليه أو علينا.
الذي يشاهد فيلم رعب لا يعني أنه قادر على مشاهدة فيديوهات «داعش» و«القاعدة»، التي تجز فيها أعناق الأبرياء، ولا يعني أيضاً أنه قادر على مشاهدة فيديو تعذيب حيوان، وهناك أشخاص يتعمدون تجنب مشاهدة أفلام الرعب حتى لا يروها في منامهم أو يتذكروها ليلاً.
راقبوا سلوك الجمهور المتحضر في أفلام الرعب ستجدون أشخاصاً يشهقون، أو فتيات يصرخن، أو ذلك الذي يركل مقعدك من الخلف، ولا تلمه فهو خائف مثلك، وحتى تلك الشريحة المتخلفة من جمهورنا المحلي التي تضحك عند دخولها أفلام الرعب، وتضحك أكثر في لحظات الفزع، فإنها خائفة وتغطي خوفها بالضحك حتى لا تصاب بالإحراج أمام الآخرين. هؤلاء يشكلون حالة استثنائية لأنهم منفصلون عن الواقع (واقع الفيلم)، ويضحكون حتى عندما تكون بطلة الفيلم مذعورة. بكلمات أخرى هي قلة ذوق وأدب.
أفلام الرعب سواء كانت لوحش متحوّل في الخمسينات، أو زومبي في الستينات أو كيان شيطاني (السبعينات)، أو «فريدي كروغر» (الثمانينات)، أو «هانيبال ليكتر» في التسعينات، أو زومبي مجدداً في الألفية، أو «أنابيل» و«فالاك» في هذا العقد، فإننا كبشر لم نقاوم الذهاب إلى مشاهدته، لأننا نعلم أن هناك مسافة آمنة لن يعبرها إلينا وهي الشاشة.
الدراسات العلمية أثبتت أن مشاهدي أفلام الرعب ينقسمون إلى أربعة أصناف: الأول يريد مشاهدة أفلام دموية، وهؤلاء باردو العاطفة ومشاعرهم سريعة الاهتياج، وينجذبون للفيلم بسبب الشخصية الشريرة فيه، وأغلبيتهم من الرجال. الثاني الباحثون عن الإثارة، هؤلاء مرهفو العواطف ومشاعرهم حساسة، يتعاطفون أكثر مع الضحية وهدفهم التشويق وكشف الغموض.
الثالث هم المستقلون وهم متعاطفون بشدة مع الضحية في أفلام الرعب، ولديهم رغبة شديدة في مواجهة مخاوفهم. الصنف الرابع هم مراقبو المشكلات، وهم متعاطفون مع الضحية، ويعانون مشاعر سلبية جداً تنعكس في الشعور بالعجز تجاه تقديم المساعدة للآخرين.
وقد أثبتت دراسة علمية أخرى، أن مشاهدة أفلام الرعب والتأثر بها يساعد في حرق السعرات الحرارية، لأن الجسم يطلق هرمون الأدرينالين.
ختاماً: قد يجادلني أحد أن الرعب ترفيه، وأقول قد سجل فيلم «طارد الأرواح» عام 1973 حالات إغماء بين جمهوره، بالإضافة إلى انخراط بعضهم في البكاء من شدة الرعب، وآخرين ظلوا يرتجفون حتى بعد الفيلم، وغيرهم غادر الصالات «تكررت في فيلم ذا كونجورينغ 2» العام الماضي. وهذا الكلام موثق بمقاطع فيديو موجودة على الـ«يوتيوب». فهل بعد كل هذا نعتبر الرعب ترفيهاً؟ ربما هو كذلك لعديمي الذوق والأدب من تلك الشريحة المتخلفة من الجمهور المحلي، التي تحضر لتستهزئ بالفيلم، وإفساد الجو دون أدنى اعتبار لمشاعر الآخرين.
Abdulla.AlQamzi@emaratalyoum.com
لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .