كل يوم
أوراق قطر المحروقة!
قطر تعرف تماماً ما المطلوب منها، فهي تعرف ما الذي اقترفته، وتعرف لماذا اتخذت دول المقاطعة ضدها كل هذه الإجراءات، لذلك فجميع مناوراتها مكشوفة، وجميع سياساتها التسويفية معروفة، وهي تعرف أيضاً أن دول المقاطعة لن تتراجع عن مطالبها، لأنها تعرف أيضاً أن دول المقاطعة على حق في مطالبها، فلم يظلمها أحد ولم يتجنى عليها أحد، وجميع ما حدث هو نتيجة صُنع وتخطيط الحكومة القطرية لتقويض دول الجوار والإضرار بهم وبأمنهم، ورعاية ودعم وتمويل جميع الحركات الإرهابية والمعارضة في المنطقة!
ومع ذلك تستمر قطر في المكابرة، ويستمر التعنت في الموقف الغامض المتقلب للسياسة الخارجية القطرية، وذلك لسبب رئيس، هو وجود أكثر من صاحب قرار في تلك الدولة الصغيرة، فإن كان للسفينة قائدان فلاشك في غرقها، فكيف بدولة يترأسها أكثر من خمسة، ولكل واحد منهم سلطة، ونفوذ، وقرار، ومصلحة!
المشكلة أن جميع هؤلاء الذين يديرون الدوحة حالياً، لا يجيدون قراءة الواقع السياسي، ويفتقدون الرؤية المستقبلية، ومازالوا يراهنون على أوراق خاسرة لا وجود لها على أرض الواقع، ولن يكون لها وجود مستقبلي أيضاً، فهي أوراق محروقة بالكامل، ولا مجال لاستخدامها مهما جرى!
وأولى هذه الأوراق، ذلك الحُلم الرومانسي بعودة مشروع سيطرة تيار الإسلام السياسي على أنظمة الحكم في الوطن العربي، هذا المشروع الذي تعمل عليه قطر منذ عشرين عاماً، وصرفت عليه مليارات الدولارات، وهيأت له الإمكانات اللوجستية والإعلامية، ووفرت لعرّابيه وقادته المأوى الآمن، والظروف المناسبة، لذلك يصعب عليها اليوم أن تشاهد انهيار هذا الحلم، ويصعب عليها اليوم تصديق تلاشي هذا الأمل، الذي سخّرت كل جهودها لإحيائه!
قادة قطر لم يستوعبوا بعد أن الشعوب العربية في كل مكان نبذت «الإخوان المسلمين»، بعد أن كشفت أهدافهم، وتأكدت من عجزهم عن إدارة الدول، ولا يمكن أن تقبل عودتهم للسلطة مهما حدث، والشعوب تفعل ذلك عن قناعة، فما رأوه من هذا التنظيم، لم يره أهل قطر وعرّابوها الداعمون لهم، لذلك فورقة صعود «الإخوان المسلمين» إلى السلطة مجدداً محروقة، وأمرهم محسوم شعبياً ورسمياً، لكن قطر لاتزال تراهن عليهم، وتواصل المكابرة وإنكار هذه الحقيقة!
كما أن قطر لم تستوعب أيضاً انحسار تأثير قناة الجزيرة الخبيثة، فهي لم تعد ذلك السلاح الذي يمكن توجيهه نحو دولة ما، فيسقط نظامها، ولم يعد رجل الشارع العربي في أي مكان يخرج للشارع حاملاً لافتة معادية، فور مشاهدته برنامجاً عبر تلك القناة، إذ تحولت «الجزيرة» إلى قناة قطرية محلية، مملوءة بالكذب والتلفيق والتزوير، لا تختلف عن الإعلام القطري الضعيف والمتخلف في طرحه وأسلوبه وأدواته، ما أفقدها صدقيتها، وكشف أهدافها، وحدّ من تأثيرها!
منذ أكثر من ثلاثة أشهر و«الجزيرة» تبثّ تقاريرها وأخبارها المكذوبة والمغلوطة وبشكل يومي عن الإمارات، ومُذيعوها يلوّنون الحقيقة، ويستنطقون الضيوف المعادين للإمارات وبشكل فجّ، للإساءة إلى الإمارات وقادتها، فماذا كانت النتيجة؟!
لا شيء يذكر، لم تستطع القناة كسب تعاطف عربي مع قطر، ولم تستطع الإضرار بالإمارات أو السعودية أو البحرين، ولم نرَ طوال تلك الفترة أي مسيرة تعاطف مع قطر في أي دولة من الدول، سوى تلك الحملات التسويقية المدفوعة القيمة على «تكاسي» وحافلات لندن، أو من عدد محدود جداً من المأجورين في العاصمة البريطانية ذاتها!
لم يدرك صانع القرار في قطر إلى الآن، أن درجة وعي رجل الشارع العربي ارتفعت كثيراً بعد أحداث ما يسمى بـ«الربيع العربي»، فهو الوحيد الذي دفع فاتورة مراهقات ومغامرات القيادة القطرية، وهو الوحيد الذي تضرّر من تحريض «الجزيرة»، لذلك فهذه الورقة احترقت، و«الجزيرة» أصبحت بوقاً ممجوجاً مكشوف الأهداف، لا تأثير له سوى عند أصحاب الأجندات، وعاشقي الظلام من «الإخوان المسلمين»، ولا ضير في ذلك، فهم في الخانة ذاتها، وحالهم كحال «الجزيرة» مجرد ورقة محروقة!
twitter@samialreyami
reyami@emaratalyoum.com
لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .