الرجال هم من يصنعون المصانع
إن تجربة الإمارات في التنمية والتطوير في كل المجالات أصبحت نموذجاً يحتذى، تستلهم منها الشعوب وسائل النجاح، وتنظر إليها الدول المتقدمة في العالم كله نظرة إعجاب وتقدير من حيث قيامها بالعمل على نشر ثقافة الانفتاح والتسامح وقبول الآخر، وتمكين الشباب والمرأة.
ومما لا شك فيه أن من عايش بدايات اتحادنا الإماراتي الشامخ، يستحضر سير الآباء المؤسسين، رحمهم الله، ومعهم جيل كامل من أبناء الإمارات الذين قدموا دروساً في اكتساب المهارات، وإتقان العمل، والتفاني في صنع المستقبل الرغيد لأبنائهم وأحفادهم.
يخطئ من يظن أن قصة النجاح الإماراتية هي وليدة المال أو النفط، وإلا لكان النجاح في متناول كل صاحب مال ونفط، في الحكاية الإماراتية ثمة ما هو أثمن من المال وأهم من النفط، إنه التفاني وإتقان العمل، سواء كان إدارياً أو يدوياً، عملياً أو نظرياً.
«الرجال هم من يصنعون المصانع»، بهذه العبارة لخّص باني نهضتنا ومؤسس اتحادنا المغفور له بإذن الله، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، ما يمكن أن يقال عن اكتساب المهارات، وإتقان العمل، والجودة والاستدامة. إذ ما قيمة المصانع من دون سواعد تعمل، وعقول تفكر وتطور، وما قيمة أي نهضة من دون أبنائها الذين يضمنون ديمومتها وارتقاءها.
وقد جاء في الحديث الشريف أن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، صافح رجلاً فوجد يد الرجل خشنة من آثار العمل، فقال عليه الصلاة والسلام: «هذه يد يحبها الله ورسوله».
***
تتراءى في خاطري هذه الصور وأنا أشارك زملائي في الاستعداد لاستضافة حدث ضخم يتمثل في مسابقة المهارات العالمية أبوظبي 2017 في عاصمتنا الحبيبة أبوظبي، في شهر أكتوبر الجاري، آلاف من الشباب والفتيات من أصحاب الأيادي الماهرة يتوافدون من قارات العالم ليتنافسوا في عشرات المهارات، على مرأى من عشرات الآلاف من الزوار ومئات المتطوعين الإماراتيين، ليشكلوا معاً سيمفونية رائعة قوامها التفاعل الإنساني البناء، في تجسيد لثقافة الانفتاح والتواصل، التي تنتهجها دولة الإمارات في ظل قيادتها الرشيدة.
على مثل هذه المنصة الفسيحة، التي تستوعب مئات المتنافسين، سيعاد الاعتبار للمهارات اليدوية، وسيتجدد التأكيد على قيمة العمل، وستتاح للزوار معاينة النتائج المترتبة عن تناغم السواعد الماهرة مع العقول المفكرة في بيئة تحفز على الإبداع وتعزز روح التنافس نحو الأفضل.
مسابقة المهارات العالمية أبوظبي 2017، وإن كانت حدثاً عالمياً، فهي تعكس الجذور الضاربة لثقافة احترام العمل في تراثنا العربي والإسلامي العالمي، ومن يطلع على الحقب التاريخية المشرقة لهذه الأمة، سيجد أنها كانت مراحل امتزج فيها العمل الجاد والعلم النافع والمهارة المكتسبة، فطوبى لليد التي تعمل، والعقل الذي يفكر، والوجدان الذي ينشغل بعمارة الأرض ومستقبل الإنسان.
مدير عام مركز أبوظبي للتعليم والتدريب التقني والمهني