«أن تفتي عكس التيار..!!»
لست ضليعاً في شؤون الأوقاف بمعناها الاصطلاحي والتجاري، ولكني أعرف من المشاهدة في فرجاننا هنا وهناك، بأن المساجد بيوت الله المطهرة يمكن تقسيمها إلى نوعين بالنظر إلى وضعها الوقفي أو الاستثماري، إذا صح التعبير، فهناك مساجد عادية وهناك مساجد يتم إلحاق بعض المنافع بها كمحال أو معارض أو غيرها، لعلها تكون مصدراً للاهتمام بالمسجد أو توسعته مستقبلاً أو ربما هي أوقاف مستقلة قائمة بذاتها.
ومنذ عشرات السنين اعتدنا أن تخدم المحال الموجودة في تلك الأوقاف أهالي المنطقة، فمنها ما أصبح «دوبياً» ومنها ما كان بقالة، ومنها وهو الأهم، الذي لا يمكن الاستغناء عنه تحوّل إلى حلاق، هناك بالطبع شروط معينة يفرضها المكان على صاحب النشاط التجاري، فالبقالات الموجودة ضمن حرم الأوقاف يمنع فيها بيع السجائر على سبيل المثال، وهو الأمر المفهوم اجتماعياً ودينياً.
الجديد في هذه الصورة الجميلة هو القرار الذي صدر من جهة ما، وتسبب في إغلاق «الحلاليق» الموجودين في أوقاف المساجد داخل الفرجان. الموضوع ليس كبيراً ولا يستحق الكتابة والشكوى.. ربما، ولكن الآلية التي حدثت تستحق الالتفات إليها والاستغراب.
فجأة يبدأ الحلاق بلملمة عدته وتوديع أهالي الفريج الذين يعرف «رؤوسهم» بشكل جيد، هؤلاء الحلاقون يستحقون ثقتنا فعلاً، فلا تنسى بأننا نضع رقابنا تحت شفراتهم ونحن نشاهد فيلماً آسيوياً رديئاً.
نسأله عن السبب، فيقول لنا بأنها «فتوى» صادرة عن جهة رسمية تفيد بعدم جواز التأجير للحلاقين، لكثرة المخالفات الشرعية التي يرتكبونها، ويمكن أن نتصل بالجهة المشرفة على تأجير مباني الأوقاف للتأكد.
تتصل بوكيل المباني، فيؤكد الأمر، ويعتذر عن عدم إمكانية عرض الفتوى، أو إرسالها لأن الجهة التي أصدرتها لا تريد «شوشرة». كما يعتذر عن إبلاغك بطبيعة المخالفات الشرعية، تتصل بالجهة المتخصصة، فلا جواب أصلاً حول الموضوع.
ذهب حلاقنا وذهبنا إلى غيره، لا مشكلة، ولكن ألا يقول المنطق بأن الفتوى التي يخجل صاحبها من التصريح بها، ويتهرب من إعطاء تفاصيلها، لا تستحق أن تؤخذ على محمل الجد!
Twitter:@shwaikh_UAE
#عبدالله_الشويخ
لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .