أبوظبي تستضيف العالـم
في هذه الأيام، تتجه أنظار العالم نحو أبوظبي، حيث تعمل فرق العمل بأقصى طاقتها، لوضع اللمسات الأخيرة على التحضيرات، استعداداً لحدث غير عادي؛ حدث تتسابق فيه العقول لاكتشاف الحلول، إنها مسابقة المهارات العالمية أبوظبي 2017.
هذه المسابقة ليست حدثاً عابراً، بل هي مناسبة كرنفالية، إنها من نوع الأحداث التي تحفر عميقاً في الزمان والمكان، وتترك أثرها في الحاضر والمستقبل معاً.
في هذا الحدث سيكون التنافس الإيجابي هو سيد الموقف، إنه تنافس في البراعة والذكاء، في الدقة والسرعة، والإتقان وحسن التدبير. إنها المهارات بلا حدود، مهارات من الحياة ولأجل الحياة، في بلد يتقن أهله فن الحياة، إذ يضعون قدماً في الحاضر، وأخرى في المستقبل، مستلهمين رؤى قيادتهم التي لم تقبل لشعبها معايير الحياة الاعتيادية، وإنما ارتقت بتلك المعايير لتجعل من السعادة هدفاً، ومن الرفاهية غاية، ومن صناعة المستقبل مهارة، يتعين على كل إماراتي أن يتقنها، وكما ذكر صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، «نحن نفكر بطريقة مختلفة... الكثيرون يتنبؤون بالمستقبل... نحن نصنعه»، هذا هو الفارق بين دولة الإمارات وبقية الدول، إننا وضعنا بناء الإنسان وتهيئة الشباب لتسلم الراية هو الهدف الرئيس، وهذا ما شدّد عليه صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، في كلمته لأجيال المستقبل «نحن شركاء في هذا الوطن... في سعادته وتقدمه وأمنه وهمومه... إن رهاننا الحقيقي أنتم يا أبنائي، ولدينا إيمان بأن التقدم في هذه الدولة لن يتم إلا بكم»، هذه هي رؤية قيادتنا الرشيدة.
في هذا الحدث الكبير، ثمة أرقام لا يمكن المرور عليها من دون أن تستوقفنا قليلاً، علّها تضيء على المنطلقات التي دفعت أصحاب القرار لاستضافة المسابقة في عاصمة الحداثة والمستقبل أبوظبي. ولأن لغة الأرقام هي الأكثر بلاغة في عصرنا الرقمي، فلنتركها تتحدث قليلاً:
• يبلغ عدد الدول الأعضاء في منظمة المهارات العالمية 78 دولة.
يبلغ عدد المتسابقين 1300 شاب وشابة، جاءوا من 59 بلداً وإقليماً من حول العالم.
يبلغ عدد المشاركين من خارج الدولة أكثر من 12 ألفاً.
12 ألفاً و180 وردة، هو العدد الذي سيتعين على المتنافسين استخدامه في مسابقة تنسيق الزهور.
22 ألفاً و500 قطعة طابوق بانتظار المتنافسين في مجال البناء، وهذا العدد يكفي لبناء منزل مكوّن من ثلاثة طوابق.
ليست هذه الأرقام سوى غيض من فيض. ومع ذلك، فثمة ما هو أهم من النواحي الكمية، إذ سيستخدم المتسابقون أحدث أنواع التقنيات والأجهزة، وبنهاية المسابقة سيجري توزيع تلك الأجهزة على مراكز البحث والتدريب المهني.
ولأن الهدف الأسمى للمسابقة هو التفاعل الإيجابي، والاحتكاك المنتج بين الشباب الإماراتي ونظرائه العالميين، فإن المسابقة ستحظى بما يقارب الـ100 ألف زائر، كما سيشارك في الحدث نحو 1000 متطوع ممن سجلوا أسماءهم للمشاركة في التنظيم.
ولعل ما يميز المهارات موضع التنافس هو أنها ليست نخبوية، وليست محصورة النطاق، بل تتوزع بين صيانة محركات الطائرات وإصلاح هياكل السيارات، وصبغ السيارات، وتنسيق الزهور، والميكاترونيكس، مروراً بالرسم الهندسي، والروبوتات، والخراطة، والنجارة، واللحام، والاتصالات والبرمجيات وتكنولوجيا المعلومات، والبناء، وتصنيع القوالب للمواد البلاستيكية، وتصميم الأزياء، والجبس، والدهان، والديكور وغيرها الكثير.
من خلال هذه المجموعة الواسعة من المهارات التي تعبّر عن ألوان الحياة المختلفة، تفتح أبوظبي ذراعيها للمستقبل، معلنة دخولها عصر الثورة الصناعية الرابعة، ومؤكدة جاهزيتها لمرحلة ما بعد النفط، حيث الاستدامة والذكاء الصناعي والمهارات القائمة على الابتكار والإبداع.
مسابقة المهارات العالمية 2017 جاءت بالعالم إلى قلب أبوظبي، لتضع أبوظبي في قلب العالم.
مدير عام مركز أبوظبي للتعليم والتدريب التقني والمهني
لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .