أبواب
زيادة في الاطمئنان
هناك مثل إنجليزي يقول: «ما دامها ماشية اتركها».. وهذا المثل ينطبق على كل شيء بدءاً من السيارة، مروراً بالعلاقات الاجتماعية، وانتهاء بالصحة..
أحياناً يوسوس للمرء شيطان السلامة، فيذهب إلى المستشفى أو المركز الطبي شاكياً له الانحطاط العام والكسل.. يمددك الطبيب على السرير، يفحص البؤبؤ، نبض الرسغ، نبض الرقبة.. ثم يطلب منك فحوصاً لـ«B12».. تذهب إلى المختبر وتجري الفحوص ثم تعود بالنتائج، نسب الــB12 حسب المعدل العام لا يوجد نقص يذكر، فيمددك ثانية على السرير، ويفحص البؤبؤ، ويمسك بنبض الرسغ والرقبة، ثم يطلب منك فحوصاً جديدة للغدة الدرقية، تقول له يا دكتور لمَ كل هذه الفحوص؟ يسألك: أنت معك تأمين صحي؟ نعم موجود، زيادة في الاطمئنان لازم نعمل فحص الغدة الدرقية، نتائج الغدة الدرقية سليمة والغدة تعمل بكفاءة وانتظام، يمدّدك على السرير يفحص البؤبؤ، ويمسك بنبض الرسغ، نبض الرقبة، ثم يطلب منك صورة طبقية، زيادة في الاطمئنان، تأتي بمغلف الأشعة الذي يحتوي الصورة الطبقية فتبدو نقية بهية، ومع ذلك لا يعتقك ولا يتركك تأكل من خشاش الأرض، بل يحوّلك إلى مختص الأعصاب.. وعندما تسأله عن هذا الإجراء يقول لك: زيادة في الاطمئنان، هناك يمددك الطبيب على السرير من جديد، يفحص البؤبؤ، يمسك بنبض الرسغ والرقبة، ثم يطلب صورة «رنين مغناطيسي» للدماغ والرقبة.. ما الذي يجري يا قوم.. لم كل هذه الفحوص المعقّدة؟ ثم ما علاقة البؤبؤ الذي ينظرون به كل حين بالكسل والانحطاط العام؟ تجري فحص الرنين زيادة في الاطمئنان، فيطلب منك تخطيط الدماغ، وعندما تبدو كل مخططات الدماغ سليمة والكهرباء 220 فولتاً والوضع تمام التمام.. يحولونك على طبيب القلب.. زيادة في الاطمئنان تجري فحوص «الايكو» و«الجهد» وتحتضن «الهولتر» مدة من الوقت.. فلا يستدلّ برابط بين الكسل والانحطاط العام وبين القلب.. فيمررك طبيب القلب على طريقة لاعبي كرة القدم إلى زميله أخصائي الغدد الصماء - زيادة في الاطمئنان - حيث تجري فحوص الدهون الثلاثية والكوليسترول والسكري، ثم يمدّدك على السرير، ويفحص البؤبؤ، ونبض الرسغ والرقبة، فلا يتبين معه أي سبب للانحطاط.. طبعاً أحد منهم لم يلحظ نشاط المريض بين طوابق الفحص والأقسام بطريقة رشيقة وبقوام رياضي.. ويسأل نفسه أين الكسل؟
المهم عند المحاسبة، يطبع قائمة بالفحوص والفواتير المطلوبة منك بحجة الزيادة في الاطمئنان، وعندما ترى الرقم النهائي المطلوب منك، تشعر بالكسل والدوار والانحطاط العام، والسقوط أرضاً؛ لتبدأ الفحوص من جديد!
ahmedalzoubi@hotmail.com
لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .