دمتم طيبين
الطيبة من شيم الإنسان النقي، سليم القلب والفطرة، وهي صفة لمن يحب الخير ويفعله، وتستخدم كلمة الطيبة في كل شيء جميل، فالنفس الطيبة هي النفس الراضية والقانعة بما قسم الله عز وجل، والكلمة الطيبة هي الكلمة الحسنة، التي تسر الخاطر، وتشرح النفس، وتعطي الأمل، وتلملم الجراح، فقد تنقذ كلمة طيبة إنساناً من مصير مظلم، بل قد تنقذ حياة إنسان، وذلك شيء عظيم عند الله، فمن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعاً، وقد ذكرت الكلمة الطيبة في القرآن الكريمة لما لها بالغ الأثر، قال تعالى: (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ). «إبراهيم: 24»، وقال عز وجل: (إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ). «فاطر: 10». وقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت»، فالكلمة الطيبة هي أقل ما يمكن أن يقوم به الإنسان نحو الآخرين، وحبذا لو امتد ذلك إلى العمل الطيب، وممارسة الطيبة بالفعل والقول معاً. إننا جميعاً في أمّس الحاجة لأن يترفق بعضنا ببعض، فضغوط الحياة ومشكلاتها تزداد تعقيداً يوماً بعد يوم، وإن لم نترفق ويحنو كل منا على الآخر فستتحول الحياة إلى غابة، يسعى الإنسان إلى الخلاص منها ولو بالموت.
إن معدلات الانتحار عالمياً في تزايد مستمر، وبطريقة مخيفة، فبحسب منظمة الصحة العالمية ينتحر سنوياً نحو مليون شخص، أي بمعدل 2700 شخص يومياً، ويتوقع أن يتضاعف العدد بحلول عام 2020، ماذا لو لم يترك هؤلاء المنتحرون للوحدة والعزلة يتحملون آلامهم وحدهم؟ ماذا لو كان هناك من حاول مساعدتهم على الخروج من أزمتهم وعزلتهم؟ وبعيداً عن الانتحار، الذي هو أقصى درجات اليأس، ماذا لو تحلينا بالطيبة في حياتنا اليومية؟ وطبّقنا قول رسولنا الكريم، فنقول خيراً أو نصمت عن كلمة واحدة خبيثة، أو في غير محلها، قد تصيب إنساناً بعقدة نفسية مدى الحياة، كما أن كلمة طيبة قد تحول سلوك الإنسان إلى الإيجابية، وتدخل السعادة إلى نفسه، وتحضه هو أيضاً على قول الخير وفعله.
المشكلة من وجهة نظري أننا في الغالب نقتنع بالكلام لكن لا نطبّقه، ولا نأخذ إجراءً فعلياً، وإن طبقنا ما نحن مقتنعون به لا يستمر التطبيق طويلاً، ولا يصبح سلوكاً دائماً أو أسلوب حياة، لذلك نحتاج من وقت لآخر إلى الوقوف مع النفس، ومراجعتها، والتأكد من أسلوبنا وتعاملنا مع الآخرين، ولا مانع أن نسأل الآخرين عن رأيهم في طريقة تعاملنا، خصوصاً المقربين منا، وأفراد أسرتنا، فالأقربون أولى بالمعروف.
نحتاج من وقت لآخر إلى الوقوف مع النفس ومراجعتها والتأكد من أسلوبنا وتعاملنا مع الآخرين.
@Alaa_Garad
Garad@alaagarad.com