مزاح.. ورماح
لا يضير القدس تعصيمها بعد احتلالها!
الحق أن أمراً لم يعد يفاجئني في جميع أخلاقيات الشارع العربي منذ مدة طويلة، فقد أثبت لنا هذا الشارع، منذ أن أُعطي الميكروفون مع بدايات انطلاق مواقع التواصل الاجتماعي، ومنذ منح فرصة للتعبير عن آرائه السياسية بانطلاقة ما يُعرف بـ«الربيع العربي»، أن مشكلته الحقيقية ليست في من يحكمه أو كيف يحكمه، بل هي مشكلة أخلاقية بحتة بالدرجة الأولى، وهي التي تؤدي إلى بقية المصائب والخلافات والحروب الثانوية على هامش التاريخ!
لم يفاجئني إطلاقاً استغلال الشوارع العربية لأزمة إعلان السيد ترامب نقل سفارته إلى القدس، واستغلال البعض لهذه الأزمة للنيل من غرمائه السياسيين أو الاقتصاديين، أو حتى فريق الكرة الذي لا يحبه، عبر أزمة القدس، وكأن هذه الجموع كانت تعوّل على أن يأتي الرئيس ترامب بما هو أفضل، متناسيين تصريحاته وتلميحاته و«أنسباه»!
أصبحت القدس عاصمة لهم! يقولها بحزن، إذن ما الذي كنت تريده أن يكون؟! أن تبقى «تل أبيب» عاصمة لهم؟! إذ كانت «تل أبيب» عاصمة فلا بأس، أما أن تكون القدس فهي المشكلة! يبدو أن القضية الفلسطينية ستتحول قريباً إلى قضية حول مكان العاصمة فقط.. وربما بعد عقدين أو ثلاثة، مع اكتمال مرحلة جديدة، وبعد مباحثات سلام مطولة مبنية على مبادرة غلوم المنبثقة من اتفاق رونالدو الصادرة عن مباحثات فيينا المنبثقة من خارطة الطريقة المعتمدة على المبادرة العربية، المستندة إلى اتفاقية تنيت المبنية على اتفاقية السلام المعدلة التي أدت إليها اتفاقية أوسلو.. سيوافق الإسرائيليون على إعادة النظر في قرار نقل العاصمة السياسية، وعندها.. سيصفق الثوريون رجالاً وثيراناً لهذا الإنجاز.
«تل أبيب» هي أيضاً لنا بالمناسبة! وهي أيضاً قامت على جماجم نساء وأطفال في قرية تسمى الشيخ مؤنس، وربما لايزال العديد من عجائز فلسطين يحمل مفاتيح بيته فيها.
ليضعوا عاصمتهم أينما شاؤوا، وليفرحوا بقطعان المتصهينين بيننا الذين أصبحوا فجأة أكثر منا! ولكن ليعلموا أن فينا من يؤمن بأن حدودنا هي من جبال كنعان شمالاً إلى أم الرشراش جنوباً، ومن بحيرة طبريا شرقاً إلى يافا غرباً.. هكذا حفظناها ممن قبلنا.. وهكذا سنحفظها لمن هم بعدنا، ويعلم الله أنا لا نملك غير ذلك!
Twitter:@shwaikh_UAE
#عبدالله_الشويخ
لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .