كما تُصيب حتماً ستُصاب!
التواصل الاجتماعي سلاح خطر، ومشكلته العظمى أنه تحت تصرف الجميع، الصغير قبل الكبير، والعاقل والمتسرع، سيئ الطباع والأخلاق والخلوق المحترم، الجميع يملك هذه الوسائل، والجميع يمكنه استخدامها كيف يشاء، ولكن على الجميع إدراك حقيقة مهمة، فوسائل التواصل كما هي سلاح في يد الشخص، فإنها سلاح مصوب عليه في آنٍ واحد، ومثلما يستطيع إصابة غيره، فهو نفسه قد يكون هدفاً للتصويب، وفي نهاية الأمر فإن الضرر الأكبر لا يقع إلا على من يسيء استخدام هذه الوسائل!
قد تستطيع أن تستقطب اهتمام أعداد كبيرة من رواد ومتابعي وسائل التواصل بالكذب والتزوير، أو إظهار نصف الحقيقة، وتجاهل نصفها، وقد ينتشر هذا الكذب بشكل كبير جداً، لكن الكذب لا يدوم ولا يستمر طويلاً، فالحقيقة حتماً ستظهر، ونصف الحقيقة المخفي سيظهر بشكل واضح، وستنتشر الحقيقة أيضاً، وبطريقة انتشار الكذبة نفسها، ولكن انتشارها سيتفوق على انتشار الكذبة دون شك، لذا فإن حبل الكذب في وسائل التواصل حتماً قصير، ولن يدوم طويلاً، هي مجرد ساعات قليلة، وهذه ميزة الحرب بنوعية واحدة من السلاح، لا تعطي المستخدم الأول الأفضلية أبداً!
من هنا لابد أن يعي مجتمع الإمارات هذه الحقيقة، وعلى المواطنين أن يدركوا أن وسائل التواصل الاجتماعي لن تعطيهم شيئاً لا يستحقونه، إن استخدموها أداةً للكذب أو الاحتيال، كما عليهم أن يدركوا أن الحديث كذباً أو بمبالغة شديدة، وبمعلومات ناقصة بشكل متعمد، لكسب تعاطف الناس في هذه الوسائل، هو نوع من التشهير بمؤسسات أو جهات أو مسؤولين حكوميين، وهي نوع من الابتزاز والضغط لأخذ مكتسبات لا يستحقها الشخص، وهذا فعل مجرّم دون شك.
وسائل الشكوى في الإمارات معروفة ومفتوحة للجميع، والقانون يطبق على الجميع، ووسائل الإعلام الرزينة غير محجوبة عن شكاوى الناس، وهم يتحدثون بكل صراحة وشفافية في مختلف برامج البث المباشر، وينشرون شكاواهم في الصحف، وتأتي غالباً الاستجابات الحكومية ليأخذ كل ذي حق حقه، ويحدث هذا كله في إطار واضح، دون كذب أو إخفاء لمعلومات بهدف تمييع الحقيقة، أما التسرع واستخدام وسائل التواصل باعتبارها وسيلة من طرف واحد، يطوعها كل مستخدم وفقاً لهواه ومزاجه، فإنها حتماً لن تؤدي إلى النتيجة المطلوبة، وستنقلب حتماً على كل كاذب أو مزوّر أو مستغّل!
بالطبع لا أحد ضد انتشار التقنية، ولسنا أبداً مع التقييد أو المنع أو الحجب، بل نؤكد أهمية وسائل التواصل الاجتماعي، وضرورة استخدامها من الجميع، الأفراد والجهات الحكومية، لأنها أصبحت إحدى أهم وسائل النشر في العصر الحالي، لكن مع أن يتحمّل كل شخص مسؤولية ما يبثه خلالها، وأن يتحلى كل إنسان بالأمانة والنزاهة، وإلا فليواجه المجتمع والحكومة معاً، إن لم يكن على قدر المسؤولية، وليتذكر دائماً أن كذبه لن يدوم، وناره ستحرقه فوراً وخلال لحظات قليلة!
twitter@samialreyami
reyami@emaratalyoum.com
لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .