الابتعاد عن الشخصنة
ترصُّد الأخطاء ظاهرة بدأت تستفحل وتزداد في المشهد الرياضي، بالآونة الأخيرة، حيث تحولت الساحة إلى منصة لتصفية حسابات ورد اعتبارات، بطرق مباشرة أو غيرها، من خلال استغلال المواقف والقرارات والأخطاء، بتجنيدها للوصول إلى المبتغى والأهداف المرادة منها. فقد شهد الوسط الكروي حالات عدة، انبرت لها أصوات بالغت في صراخها وضجيجها، بل أطلقت عياراتها الطائشة، بعد أن أشبعتها تفسيراً وتحليلاً وفق أمزجتها التي تُسيرها إلى ما تهوى. فكل هذا واقع تجسدت أفعاله وسلوكه في هذه المرحلة، وتجرد فيها البعض من المبادئ والقيم، التي تعتبر معياراً وأساساً لأخلاقيات العمل والمهنية السليمة الخالية من الشوائب والتوجهات الملوثة. ولاشك في أن الانتقاد بات مطلوباً، كما أنه ضرورة لتقويم الوضع، لكن بشرط الابتعاد عن الاصطياد والشخصنة، من أجل رصد الزلات والهفوات، ثم تحويرها لإرضاء غرور وأهواء ذاتية، لا تسمن ولا تغني جهداً أو عملاً، بل تزيد الوضع تأججاً واحتقاناً، وتوسع معها شق الخلاف الذي يُعقد ويؤزم الوضع مع مرور الوقت والأيام. فتغليب المصلحة العامة، والترفع عن تلك المشاحنات والملاسنات الفضائية، مُهمان جداً وواجبان، من أجل الارتقاء بالعمل، وتهيئة الأجواء الصحية للبذل والعطاء. لذلك فإن التسليم بما يُرى ويُسمع في بعض التحليلات بأنه نابعٌ من حُب المصلحة، قد يكون خاطئاً بقدر ما هو مناورة ومراوغة عبثية، تحمل كلماتٍ وعبارات برسائل ظاهرها عسل، لكن باطنها سُم قاتل!
تغليب المصلحة العامة، والترفع عن المشاحنات والملاسنات الفضائية، مُهمان جداً وواجبان، للارتقاء بالعمل. |
مشاركة المنتخب الأخيرة في كأس ملك تايلاند، تباينت الآراء حولها، بسبب ما دار من نقاش واختلاف حول القائمة المختارة لتمثيل المنتخب، الأمر الذي استاء وامتعض منه البعض، نتيجة ردة الفعل والاعتراض الذي جاء بحجة خلوها من عناصر مهمة، تمثلت في «عموري» ومبخوت، اللذين يستوفيان الآن عقوبة حادثة الكويت الشهيرة. فلسنا هنا بصدد من ذهب ومن لم يشارك، كون البطولة كانت ودية ومناسبة لإعطاء الفرصة للآخرين، من أجل اكتشافهم وتجهيزهم، لكن الحديث هنا على ما أثير وما تم التحجج به في استثناء اللاعبين من العقوبة متناسين ما حدث، في الوقت الذي يطالب فيه الفريق ذاته بأن يتساوى فيه الجميع تحت مظلة العقاب والثواب، وهو تناقض صريح ويعد انفصاماً في الرأي والفكر. إلا أنه قد يكون درساً للكل ورسالة واضحة بأنه لا محاباة، ولا أحد يعلو على النظام مهما كان اسم اللاعب ووزنه، لأن تقويم الوضع وإصلاحه وتهذيب السلوك لا تأتي بالاستثناء أو التمرير المزدوج، وإنما بتطبيق اللوائح التي تكافئ المجتهد، وتحاسب المقصر، وتعاقب المذنب. لذا نجد في الآونة الأخيرة كثرة التنظير والتفسير الذي يقوده البعض إلى مسار عكسي، وباتجاه زاوية مقلوبة!
Twitter: @Yousif_alahmed
لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .