أبواب
«الإمارات اليوم».. وداعاً
قبل ست سنوات، وفي مارس أيضاً، كانت مقالتي الأولى التي أطلّ بها على قراء «الإمارات اليوم»، احترت باختيار العنوان في البداية، لكن سرعان ما اهتديت إلى: «الدخول بدون تأشيرة»، فأنا مجرّد طائر عربي يرفرف بالكلمات، لا يحمل بين جناحيه جواز سفر أو تصريح عبور، لذا لم يكن دخولي إلى هذه المؤسسة الرائعة بتأشيرة سياحة ولا زيارة ولا بحث عن عمل، كان دخولي بتأشيرة شوق والبحث عن أمل.
«أتمنى للإمارات الوطن والإمارات الصحيفة كل الازدهار والريادة والنجاح لتبقى أيقونة السلام». |
مضت ست سنوات، كتبت فيها قرابة 600 مقال صحافي، فتحت لي آفاقاً جديدة في الكتابة، وتعرّفت بها إلى جمهور جديد، وذائقة جديدة، أضاءت الألفة بيني وبينهم، أضحكْـتهم، أبكيتهم، خيّبت آمالهم أحياناً، لكنني كنت أبني عشّي الإبداعي حرفاً حرفاً وكلمة كلمة. كنت أسعد جداً بردود الأفعال الكثيرة التي كانت تصلني كل صباح على البريد الإلكتروني، ولا أذكر أن أهملت أيّاً منها، كنت أفرح بالتعليق والانتقاد والإشادة والتفاعل وحتى الشتيمة فهي بمجملها تحريك الماء الراكد والتفكير الراكد. مضت ستّ سنوات كأنها ستّ دقائق لا أكثر، تعرّفت خلالها إلى زملاء رائعين التقيت بعضهم في ملتقيات وفعاليات إعلامية عربية والبعض الآخر لم التقه قط. تقاسمت الزاوية مع الأخ الحبيب عبدالله الشويخ بأخوية ومحبة فريدة لم يشعر أي منا بالضيق أو التذمّر تجاه الآخر، على العكس تماماً، كنا نتسابق في تقديم الوجبة الساخرة لجمهور القراء العظيم الذي نحب ونحترم، فهذه «الزاوية» مساحة محررة من الجدية والأخبار الرسمية نزرعها بأجمل ما لدينا لتكون «هايد بارك» القراء.
مضت ست سنوات، تحمّلتْ خلالها إدارة التحرير شغبي، وسقفي، وكسلي، بصدر رحب، لم أتلقَّ طوال هذه السنوات تذمراً واحداً أو تنبيهاً واحداً أو محدّداً واحداً في الكتابة، فقد تركتْ لي عالمي وحسّي لأبدع به كيفما أشاء.
ولأن النهايات هي النقطة في السطر الأخير وهي خاتمة الأشياء الجميلة، ها أنا أجمع مقتنياتي اللغوية من هذه الزاوية، ألملم آخر أوراقي، أرتّب عباراتي في حقيبة الرحيل، وأسلّم مفاتيح الكلام لزميل آخر يشغل مكاني، متمنياً له كل التوفيق.. أترككم بفيض من الحب والشوق المقدّم، والمحبة الغامرة والامتنان الكبير لهذه الصحيفة الرائعة، وللزملاء الأكارم، وللجمهورالحبيب الذي بقي يصحح خطاي ويحفّزني نحو كل جديد، أتمنى للإمارات الحبيبة - الإمارات الوطن والإمارات الصحيفة - كل الازدهار والريادة والنجاح لتبقى أيقونة السلام.
ahmedalzoubi@hotmail.com
لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .