السيلفي والأنف المتضخم
السيلفي Selfie من أكثر الظواهر التي حيّرت علماء النفس والاجتماع، ليس لأنها مستجدة، بل لأنها تطور كبير ومفاجئ لممارسة متخصصة تحولت إلى هوس عالمي بين كل أطياف المجتمعات العالمية، وليست محصورة في مجتمع دون غيره.
التقط سيلفي، وانظر: هل هذا أنت أم Shrek المخلوق الغريب من فيلم الأنيمشن الشهير؟! |
ولدت السيلفي مع اختراع الكاميرا في القرن الـ19، وكانت أول سيلفي تحديداً عام 1839 التقطها مصور أميركي محترف يدعى روبرت كورنليوس كان يجرب أداة تصويره. السؤال الذي يحيّرني هو لو علم هذا الرجل كيف تحولت الممارسة إلى هوس عالمي فهل سيمتدحها أم سينتقدها؟
ظاهرة السيلفي (يقال إنها كلمة أسترالية الأصل) هي الوحيدة التي تبرز عيوباً في الوجه، رغم عدم وجود العيب! فيرى ملتقطها أنفه متضخماً بشكل لافت لا يظهر كذلك في أي نوع آخر من الصور. شاهد أي صورة شخصية أو جماعية لك أو صورتك في الجواز وسترى نفسك طبيعياً، التقط سيلفي، وانظر: هل هذا أنت أم Shrek المخلوق الغريب من فيلم الأنيمشن الشهير؟!
سبب تضخم الأنف القرب الشديد من الكاميرا وأيضاً بروز الأنف أكثر من بقية أجزاء الوجه. هذا الأنف المتضخم سبّب عقدة لبعض الناس في أميركا فأقبلوا على عيادات التجميل لتصغير حجم أنوفهم لتتلاءم مع السيلفي! هذا رغم خلو وجوههم من أي عيب!
انتشار ظاهرة السيلفي أدى إلى ظهور اختراع مساعد، وهو عصا السيلفي التي تمكن المستخدم من توسيع إطار الصورة.
هذا يقودنا إلى ربط هذه الظاهرة الغريبة بشكل عام بالنرجسية الشديدة التي ظهرت في سلوك الكثيرين في حقبة السوشيال ميديا. ليست لدينا مشكلة في السيلفي فليلتقط أي شخص ما شاء منها، لكن المشكلة في الهوس بها.
أنواع السيلفي، حسب الشخصيات، طبقاً لتحليلي الشخصي وليس العلمي:
الأول: المصور الفنان، وهو الشخص الذي يتفنّن في التصوير ومتمكن جداً من هذا الفن/ العلم، ويضع مجموعته الفوتوغرافية، وضمنها صور سيلفي.
الثاني: المصور الاستعراضي، يستميت لتصوير نفسه في كل زمان ومكان من أجل إثبات إنجاز وهمي كأن يصور نفسه مع كوب قهوة أو كعكة، وكثيراً ما يقع في أخطاء نتيجة تهوره كأن يصور سيلفي مع حادث أو جثث، لأن السيلفي هنا تعكس قلة ذوق أو احترام لمشاعر الآخرين. وهذه الشخصية النرجسية تريد إطراءً حتى على أتفه شيء.
الثالث: مصور ينتظر لحظات معينة تجمعه مع مشاهير وشخصيات مجتمعية معروفة، وهذا الشخص يريد أن يقول إنه يتمتع بمكانة عالية في المجتمع، وإن له علاقات واسعة مع النخبة.
ختاماً: قد لا يتذكر أحدنا سبب انطلاق هوس السيلفي، وهو مرتبط بشكل مباشر بصورة السيلفي الشهيرة التي التقطتها المذيعة الأميركية إيلين ديجينرس في حفل الأوسكار 86 مطلع 2015، والتي حطمت الرقم القياسي بعدد إعادة التغريدات، إذ بلغت أكثر من مليوني مرة قبل نهاية الحفل، ما تسبب في تعطّل موقع «تويتر» لفترة قصيرة. ولأننا بشر بحاجة إلى شخصية شهيرة لإقرار وتصديق أي شيء نفعله، قلدناها بلا وعي.
في سياق متصل، ظهر أنف النجم الأميركي برادلي كوبر متضخماً في تلك الصورة، ولو قرر الرجل تصغير أنفه بسبب السيلفي لما تردد الكثير في تقليده. مجرّد هوس محتمل نتمنى ألا ينتشر.
Abdulla.AlQamzi@emaratalyoum.com
لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .