هيمنة «ستوري» على الـ«سوشيال ميديا»
تكاد الـ«ستوري»، وهي الخاصية الموجودة في العديد من منصات الـ«سوشيال ميديا» أن تكون ظاهرة، فالبعض يعتبرها مصدراً لمعرفة أخبار أصدقائه، والبعض الآخر يراها وسيلة للتعبير عن ذاته ونشر يومياته، بغض النظر عن أهمية أو تفاهة ما يعرضه.
استعرضت عينة من الـ«ستوري» في بعض المنصات فوجدت التالي:
مثال «ستوري 1» على «سناب»: مجموعة صور عشوائية، أحياناً يستخدم أصحاب الصور «فلاتر» لوضع أنوف وآذان قطط أو كلاب ومخلوقات أخرى على وجوههم، أو ورود على رؤوسهم.
مثال «ستوري 2» على «إنستغرام»: مجموعة صور لا علاقة بينها. مثال «ستوري 3» على «واتس أب»: صورة لكوب شاي على خلفية أغانٍ أو لحظات خاصة، متبوعة بصور عشوائية.
تواصلت مع صديق متعمق جداً في التقنية دون أن تجرفه إلى جنونها، فشرح لي الـ«ستوري»، وقال لي عبارة كانت الأهم: «هي يوميات كل شخص يستطيع تطويعها بطريقة مبتكرة لكن بوعرّاب خربوها».
السؤال: لماذا تسمى الـ«ستوري»، أي «قصة»، وهي ليست قصة؟ القصة كما نعرفها من أي وسط تروى خلاله، هي سيناريو أحداث مترابطة منطقياً لها بداية ونهاية، وتفهم من خلال سياق أو خلفية معينة.
لكن خاصية الـ«ستوري» في منصات الـ«سوشيال ميديا» لا تعطينا قصصاً، إنما لقطات عشوائية مدة 24 ساعة، فلماذا لم تُسمَّ يوميات Journals أو مقاطع Clips؟ تسميتها «ستوري» أو «قصة» تسمية غير دقيقة.
الـ«ستوري»فكرة منصة «سناب شات»، نسخها «إنستغرام» و«واتس أب» المملوكان لـ«فيس بوك»، وكذلك أضافها «فيس بوك» نظراً لشعبيتها المتنامية بين المستخدمين.
لكن إذا فكرنا في الأمر من منظور تحليلي، فسنجد أن الـ«ستوري» تكاد تكون الصيغة الوحيدة من صيغ الـ«سوشيال ميديا» التي اخترعت ليتم استخدامها بالهاتف الذكي، وقد تكون الصيغة المهيمنة مستقبلاً.
بعد 25 عاماً من تسويق الإنترنت، كانت المواد التي وضعها الناس على الشبكة «أونلاين» سواء مواقع شخصية أو مدونات، أو أخيراً الـ«سوشيال ميديا»، تتطور بشكل منفصل عن الأدوات المستخدمة للدخول عليها وتصفحها والتفاعل معها بعد نشرها، فمثلاً، كان علينا وضع صورة فوتوغرافية في الماسح الضوئي (سكانر)، ثم تحريرها قبل تحميلها على الشبكة. النص أيضاً كان بحاجة إلى تحرير وموافقة قبل النشر أو إرساله بالبريد الإلكتروني، ثم جاء «فيس بوك» وبقية منصات الـ«سوشيال ميديا» وربطت إنتاج تلك المواد بالمنصة التي سيعرض عليها.
تختلف الـ«ستوري» المستخدمة بحسب المنصة التي تقدمها، فعلى «إنستغرام» مثلاً، يتظاهر المستخدم بأنه يعيش حياة راقية جداً، بينما على «سناب» هي سلسلة لحظات خاصة (أحياناً يتحول فيها المستخدم إلى قط أو كلب أو شبح)، وأحياناً يحدث تداخل بين نوعية المستخدمين.ختاماً:الـ«ستوري» ليست تقنية، وشخصياً لا أراها حتى خاصية، هي بالمعنى الأوسع صيغة عرض محتوى، هي صيغة متطورة من الموقع الشخصي، أو هي صنف مستقل لصناعة وعرض المحتوى الشخصي أشبه ببرنامج تلفازي قصير. هذه الصيغة تعرض صوراً لا علاقة بينها ولا تخلق رابطاً منطقياً، وليس هناك سبب يدعو لمحاولة فهمها، وبالتالي هي لا تخبرنا بشيء مفيد عن حياة شخص ما. ربما «يوميات» تكون تسمية أدق.
Abdulla.AlQamzi@emaratalyoum.com
لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .