5 دقائق
اللوم الهدّام
من الآفات المنتشرة في الكثير من المجتمعات ثقافة اللوم، ويعني اللوم توجيه النقد المباشر أو غير المباشر، وتحميل المسؤولية لشخص نتيجة خطأ قام به، وقد يأخذ اللوم أقصى درجات النقد، وقد يمتد لدرجة الإهانة والانتقاص من قدر الإنسان، وهو آفة مدمرة، فلا يوجد شخص طبيعي يقبل أن يتم لومه أو الانتقاص من قدره، والخوف من اللوم قد يؤدي لعواقب وخيمة، حيث يثني الإنسان عن التقدم والعمل أو تجربة أشياء جديدة خوفاً من الخطأ، وبالتالي من اللوم، وفي كل عام نسمع عن حوادث انتحار لطلاب، تتزامن مع ظهور نتائج الامتحانات، حيث ينتحر بعض الطلاب الذين يخفقون في الامتحانات نتيجة الخوف من اللوم أو العقاب.
من الصعب معالجة ظاهرة اللوم، حيث إنها سمة من سمات شخصية الإنسان. |
من الصعب معالجة هذه الظاهرة، حيث إنها سمة من سمات شخصية الإنسان التي تتشكل مع تشكل الشخصية في سنوات العمر الأولى، وغالباً ما يكتسبها الطفل من الأهل والبيئة المحيطة، فعندما يتم توجيه اللوم للطفل على كل كبيرة وصغيرة يكتسب هذه السمة لا إرادياً، وللأسف فالأغلبية من الناس دائماً ما تحكم على الآخرين طوال الوقت، وينصّبون من أنفسهم مقياساً يتم القياس عليه، وكل من يختلف عنهم يعتبر مخالفاً لهم وعلى خطأ، لأنهم يعتقدون - بالخطأ طبعاً - أنهم الوحيدون على صواب وكل من سواهم على الخطأ. هناك العديد من صور اللوم والانتقاد السلبي، التي تبدأ في محيط الأسرة، أهمها الانتقاد الدائم من الآباء للأبناء تجاه سلوكهم وتحصيلهم الدراسي، وانتقاد الأزواج لبعضهم بعضاً، وهناك انتقاد الرئيس لمرؤوسيه لضعف أدائهم أو لأخطاء العمل، لاشك أن الانتقاد ليس دائماً بسوء نية ولكن المشكلة أن الشخص الذي يوجه اللوم قد لا يدرك المخاطر والآثار السلبية الخطيرة لهذا الفعل.
الطريقة الأفضل هي التحدث مع الشخص على انفراد وبطريقة ودية، على أن يبدأ الحوار باستعراض بعض مزايا الشخص والجوانب الإيجابية والثناء عليها، ثم يتم التطرق لفرص التحسين وتوضيح ما كان يجب أن يتم من عمل أو سلوك وما تم بالفعل، ثم توضيح آثار ذلك الخطأ أو السلوك، مع ترك فرصة دائماً للشخص أن يحفظ ماء وجهه، ودون أن نجعله يشعر بالدونية أو الإحراج، ثم نعرض تقديم المساعدة والدعم من أجل الوصول للأفضل، أو للعمل المطلوب أو السلوك المرغوب، فتعزيز الثقة بالنفس في غاية الأهمية وقد وثّق الكثير من الدراسات أن أكثر من 65% من الأبناء الذين يتم توجيه اللوم لهم باستمرار يفقدون الثقة بأنفسهم، لذلك علينا أن ننتبه جيداً قبل أن نقوم بتدمير من نحب دون قصد.
@Alaa_Garad
Garad@alaagarad.com
لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .