5 دقائق
التعلم التحويلي
سيظل العالم مديناً للكثير من العلماء والمفكرين والباحثين، الذين كرّسوا حياتهم ليقدموا إلى البشرية العلوم والاختراعات والابتكارات التي غيّرت حياة ملايين البشر عبر العصور، وسيظل هؤلاء خالدين بأعمالهم، وبما قدموه للبشرية، ولو كان مجرد تعريف أو وضع إطار نظري لممارسات كانت تتم دون معرفة تصنيفها المعرفي أو فروعها أو حتى انتمائها لأي فرع من فروع المعرفة، من هؤلاء المفكرين الذين لم يحظوا بحظ وافر من الشهرة المفكر والباحث جاك ميزيرو، صاحب نظرية التعلم التحويلي أو التعلم التغييري Transformative Learning، وقد كرّس ميزيرو حياته لدراسة أنماط التعلم لدى البالغين، وكيف يختلف مستوى وعمق وفعالية التعلم من شخص إلى آخر.
يُعرِّف ميزيرو التعلم التحويلي بأنه التعلم الذي يؤدي إلى إحداث تغيير، أو بمعنى أدق تحول في الأطر المرجعية. ولكن النظرية ليست ببساطة التعريف، فما الأطر المرجعية؟ إنها تلك التركيبة من المعتقدات والعادات والافتراضات المسبقة والتجارب، التي تشكل لدى الإنسان منظوره أو رؤيته للأشياء. وللتبسيط يمكن اعتبار الأطر المرجعية بمثابة العدسات التي يرى الإنسان من خلالها الأشياء، فلو ارتدى الإنسان نظارة بعدسات سوداء سيرى الأشياء بلون أسود، ولو ارتدى نظارة شفافة سيرى العالم بألوانه الحقيقية، إذاً الأطر المرجعية أو Frame of References هي بالضبط مثل تلك العدسات، وبالتالي فالتعلم التحويلي هو التعلم الذي يُحدِث تحولاً في رؤية وفهم الإنسان للأشياء والتجارب التي يمر بها، وهو بذلك يختلف عن التعلم الذي ينتج عنه فقط اكتساب المعرفة، فاكتساب المعرفة مجرد مرحلة من مراحل التعلم، وهي مرحلة إدراكية، أي تحدث في وجدان وإدراك الشخص، ولا تترجم إلى أفعال أو تغيير في السلوك، أما التعلم التحويلي فهو مرحلة أعمق، حيث تتم ترجمة المعرفة إلى تغير في رؤية الأمور، ومن زوايا جديدة.
وشرح ميزيرو في بحث نشر عام 2003 ــ ولا غنى عن قراءته لكل باحث ومهتم بقضايا التعلم ــ تفاصيل نظريته، وذكر 10 مراحل يمر بها الإنسان في رحلة التعلم التحويلي، ولا يتسع المجال هنا لشرح تلك المراحل، وقد بدأت الكثير من المؤسسات التعليمية والمختصين في التعلم والتعليم الرجوع إلى مبادئ ومراحل هذا الفرع من التعلم، ومحاولة تبنيه وتطبيقه. ولابد هنا من التذكير بأن ما يمر به العالم من تغييرات تؤثر في الأفراد، بحيث لابد من الاهتمام أكثر بالتعلم الذي يؤدي إلى نتائج إيجابية، سواء في مجال العمل أو في الحياة الاجتماعية، فالتعلم الفعال والحقيقي يعني التميز، ويعني التقدم والنجاح.
Garad@alaagarad.com
Alaa_Garad@
لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .