مكياج عزاء وأشياء أخرى
المظاهر وما أدراك ما المظاهر، تحولت إلى عبء كبير في هذه الحياة المتسارعة، فلا هم للأغلبية إلا كيف يبدون في عيون الآخرين، يتناسون كل ما له قيمة فعلية، ويحاولون أن يرسموا صوراً أخرى قائمة على الاستعراض والمبالغة، والتلويث البصري الذي في النهاية لا يقدم ولا يؤخر في الميزان الحقيقي لقيمة الإنسان.
ليت هذه المظاهر تأتي في المناسبات السعيدة فقط، وفي نواحي الحياة العادية، إنما انتقلت إلى المناسبات الحزينة التي يتعين أن تكون مختلفة قلباً وقالباً، وأن تراعي الحالة النفسية المرافقة لتك المناسبات.
تحولت هذه المناسبة إلى نوع من أنواع الاستعراض، صارت خيام العزاء لا تختلف عن خيام الأفراح، خيام على أعلى مستوى تكلف مئات الآلاف من الدراهم أثناء فترة العزاء، مع ولائم على الغداء والعشاء، ولا تستبعد أن ترى صحون الحلويات تنتقل من طاولة إلى أخرى مع القهوة والشاي ومشروبات باللوز والفستق، كأن المناسبة احتفال بزواج أو عقد قران، مع أصوات عالية وقهقهات وسوالف لا يراعي البعض فيها آداب العزاء.
الأمر نفسه ينطبق على العزاء عند السيدات اللاتي اخترعن نوعاً جديداً من مكياج المناسبات يسمى «مكياج عزاء»، لا أعرف مواصفاته، ولا كيف يبدو، وهل تختلف كلفته عن المكياج العادي؟ وهل يتم استعمال لون واحد أو أكثر؟ كما أصبح العزاء مكاناً لاستعراض الماركات والفساتين، وإن كنت لا أستبعد أن تكون الماركات محددة باللون الأسود الرمادي حفاظاً على مشاعر أهل المتوفى، أما الأغرب من ذلك فعندما يقوم أهالي المتوفى بتوزيع هدايا باسمه على المعزين وكأن الموضوع احتفال وليس تعزية!
قد لا تكون هذه الظواهر الدخيلة منتشرة بشكل كبير في مجتمعنا الإماراتي، إلا أنها في الواقع جديرة بالاهتمام، وتحتاج إلى الحديث عنها، لأننا وبشكل عام تعودنا أن تخرج لنا «تقليعات» غريبة، وتصرفات مستهجنة لتتحول بعد فترة من الزمن إلى ظاهرة طبيعية تجد الاستحسان من كل فئات المجتمع، ثم يخرج أحدهم بعد فوات الأوان لينتقد ما يحدث من تصرفات شاذة، فتخرج الجملة الشهيرة لإسكات أي انتقاد: دعوا الخلق للخالق!
أصبح العزاء مكاناً لاستعراض الماركات والفساتين.
Emarat55@hotmail.com
Twitter: @almzoohi
لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .