كـل يــوم
الموت باسم الحب!
تحت مسمى الحب، هناك آباء يسهمون في موت أبنائهم، هذه للأسف حقيقة مزعجة، حدثت مرات عدة، فهؤلاء الآباء يمولون تزويد مركبات أبنائهم، لتتحول إلى سيارات قتل لا نقل، ويتحول الحب والدلال إلى أداة من أدوات الموت، فما يحدث على الطرقات السريعة، وفي رمال الصحراء بعد تزويد السيارات، أمر لا يكاد يصدقه عقل، واحتمال الموت فيه يصل إلى نسب عالية جداً، لأن السيطرة على المركبة تكون معدومة تماماً، وعند وقوع الحادث تتحول كل قطعة حديد فيها إلى وسيلة لإنهاء حياة قائد المركبة ومن معه، ويصعب احتمال نجاة أي منهم، فهل أرواح الأبناء رخيصة إلى هذا الحد؟!
ندرك تماماً أن هناك عوامل أخرى مساعدة على انتشار هذه الظاهرة، وندرك تماماً أن هناك من يستفيد مالياً من تزويد السيارات، وهؤلاء لا يجب إعفاؤهم من المسؤولية، لكن المسؤولية الكبرى تقع على عاتق أولياء الأمور، والآباء تحديداً، خصوصاً أن الإحصاءات والأرقام التي تمتلكها شرطة دبي تثبت أن معظم مزودي السيارات هم في أعمار صغيرة، ومعظمهم لا يمكن أن يتحملوا كُلفة التزويد المرتفعة، ولذلك فالاعتماد على تمويل تزويد السيارات، وبمبالغ عالية جداً، يتم في الغالب عن طريق الآباء، لذلك فرسالتنا إليهم مفادها «لا تفقد ابنك بتزويد مركبته»!
قد لا يستوعب كثير من الآباء خطورة ما يحدث، وربما لا يعلمون عن كيفية تزويد السيارات، وخطورة تحويلها إلى طائرات نفاثة بأوزان خفيفة جداً، تجعل السيطرة عليها أمراً صعباً، وربما لا يعلم كثيرون أن هناك سيارات دفع رباعي خالية تماماً من الداخل، ولا يوجد بها سوى مقعد السائق، لجعلها أخف وزناً، وتتم مضاعفة سرعاتها إلى خمسة أضعاف وأكثر، والأدهى من ذلك أنه يتم استخدام وقود الطائرات فيها، ما يجعلها عرضة للانفجار في أي لحظة، وإن كانت واقفة، بخلاف انفجارها بشدة مضاعفة في حال ارتطامها بسيارات أخرى، أو أي جسم صلب، بسرعة عالية، فهل يدرك الآباء حجم الرعب الذي يهدد أبناءهم، وهل يدرك الشباب مدى خطورة ما يقومون به؟!
وهل يعلم أولياء الأمور أيضاً أن القانون لا يعفيهم من المسؤولية في ما يتعلق بتبعات تمويل تزويد سيارات أبنائهم، في حال تسبب الابن في حادث نجمت عنه وفيات أو إصابات بليغة، فالقانون يعتبرهم في هذه الحالة شركاء مع الابن، وعليهم مشاركته في تحمل نتيجة أفعاله!
ظاهرة خطرة للغاية، ومزعجة للغاية، ففيها خطورة بالغة ومثبتة بالدلائل والأرقام على الشباب من جهة، وعلى جميع مستخدمي الطريق، سواء كانوا سائقين أم مشاة، أو حتى رواد البر والمناطق الصحراوية، إضافة إلى كونها تشكل كابوساً حقيقياً لسكان بعض المناطق، بسبب الصوت المزعج الصادر عن هذه السيارات المزودة، هذا الصوت الذي يتلذذ به قائدو السيارات لأسباب لا يمكن لعلماء النفس اكتشافها، وهي في المقابل تسبب أذى لكل قاطني المنازل والبيوت، خصوصاً في ساعات الليل المتأخرة، وهذا الوقت للأسف هو المحبّب إلى هؤلاء المزعجين!
لذلك كله، ارتأت شرطة دبي، بالتعاون مع نيابة السير والمرور في دبي، وصحيفة «الإمارات اليوم»، إطلاق حملة توعوية موجهة إلى جميع الشرائح المعنية، خصوصاً الآباء، باعتبارهم الأساس، وباعتبارهم الحلقة الأقوى، لمخاطبة عقولهم، ولفت انتباههم لما يحدث في «كراجات التزويد» بتمويل مباشر منهم، دون إدراكهم لخطورة ما يقبلون عليه، لعل هذه الحملة توضح ما كان غائباً عن الشباب أنفسهم، وعن أولياء الأمور، وحتى عن بعض المسؤولين في الجهات الأخرى المعنية، لعلنا نستطيع إنقاذ شباب الإمارات - ثروتنا الحقيقية - قبل أن نفقدهم في حوادث جديدة بسياراتهم المزودة!
twitter@samialreyami
reyami@emaratalyoum.com
لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه.