أقرب سوق أفلام تبعد 7 ساعات!
من أساسيات علم الاقتصاد أنك لو أوقفت منتجاً أو منعته أو لم تشبع الطلب عليه فإنك تخلق سوقاً سوداء، سواء كان سلعة أساسية أو كمالية. في الدولة لدينا ولله الحمد والمنة سوق متنوّعة تنوعاً رهيباً في كل شيء إلا الفن فليس له سوق.
نتحدث تحديداً عن سوق الأفلام التي انتعشت كثيراً في العقد الماضي تحديداً (2001 - 2010) بدخول محال متنوّعة تبيع أقراص DVD. بدخول هذا العقد بدأت هذه السوق تتقلص شيئاً فشيئاً ومتاجر الأفلام المتخصصة تغلق أبوابها باستثناء محل «فيرجن».
فوجئنا هذا العام بإغلاق جزئي لمحال «فيرجن» بغرض تجديد الشكل والديكور، وعندما أعيد افتتاحها كان التغيير كبيراً من الداخل فقد اتسعت أقسام التقنية والملابس والكتب والألعاب وتقلصت رفوف الأفلام إلى رفين أو أربعة. فيرجن لا يُلام فهذه تجارة والشركة تحسب أين مكاسبها فتعززها وأين خسائرها فتقلصها.
الغريب أن الأفلام رغم أنها أصبحت نادرة في الدولة مقارنة بالسلع الأخرى إلا أن سعرها لم يتغير بخلاف قانون العرض والطلب. سوق الأفلام اتجهت إلى القنوات المجانية وتطبيقات البث المنزلي (نتفليكس وتلفزيون أبل وأمازون برايم) أو خدمات التلفزيون المدفوع في الدولة. هؤلاء هم المستفيدون من خروج «فيرجن» من السوق.
بالنسبة لتطبيقات البث المنزلي عبر الإنترنت فكلها متوسطة أو ضعيفة في الدولة، وأما التلفزيون المدفوع فيستخدم تقنية بالية (رسيفر وصحن لاقط فوق سطح المنزل)، وخدمته للبث المنزلي ذات جودة رديئة، ومجمل ما يعرضه من أفلام يرضي أذواقاً معينة فقط وليس الجميع. موقع أمازون ممتاز لطلب الأفلام لكن لا شيء يضاهي تجربة التسوق داخل متجر أفلام والغوص بين الرفوف.
ليس سراً أن الكثير من الناس تقرصن الأفلام وتشاهدها على مواقع مجاناً، وهذه الممارسة القبيحة المنتشرة في دول الشرق الأوسط وآسيا وإفريقيا أسهمت بشكل كبير في قرار «فيرجن» تقليص قسم الأفلام.
سبب انتشار القرصنة بمنطقتنا ثقافة في العقلية العربية تختصر في سؤال أسمعه كثيراً: لماذا يجب أن ندفع لمشاهدة أفلام؟ وجوابي بسؤال: لماذا تدفع لمشاهدتها في السينما ولا تدفع لقرص فيديو؟! الجواب أن الفيلم لا يستحق المال إلا على الشاشة الكبيرة! هذا جواب من ليس لديه أي ثقافة أو احترام لصناعة الأفلام والفنون عموماً.
العقلية العربية اعتادت قنوات مجانية لعرض الأفلام منذ السبعينات، وتعتقد أن من حقها مشاهدة العمل الفني مجاناً حتى لو كان الحل قرصنة أو سرقة! لدينا تشريعات قانونية ضعيفة في كل الشرق الأوسط بما يتعلق بحقوق المؤلف. وإذا كانت التشريعات جيدة فإن إنفاذ القانون ليس قوياً بالدرجة التي تردع القرصنة.
بالعربي: في بريطانيا وحدها يوجد أكثر من 100 متجر أفلام وموسيقى بعضها يتكون من ثلاثة طوابق لا يكفي يوم واحد لشخص ليتبحر في هذا العالم! هذه المتاجر تشكو الخسارة كل عام! الغريب، بعد تقليص أو إلغاء أقسام الفيديو في متاجر الدولة أصبح أقرب سوق لعشاق ومقتني الأفلام تبعد سبع ساعات بالطائرة! والأغرب أن هذا بالضبط كان الوضع في الثمانينات والتسعينات!
Abdulla.AlQamzi@emaratalyoum.com
لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .