فكرة ذكية من شرطة دبي
فكرة تخفيض المخالفات بشكل عام، سواء كانت مرورية أو غير مرورية، فيها نوع من عدم العدالة، فهي تكافئ المُخطئ وهو المخالف بتخفيض المبلغ المترتب على مخالفته، في حين أن المُلتزم والمُحافظ على تطبيق القوانين لا يحصل على شيء نظير التزامه، ورغم ذلك فإن قرارات تخفيض المخالفات التي درجت إدارات المرور المختلفة تحديداً على تطبيقها، هي أمرٌ لا بأس به، إن أخذناها من زاوية التخفيف عن كاهل السائقين، وبث السعادة والفرحة في قلوبهم، وإعطائهم فرصة تنبيهية إلى ضرورة الالتزام بالقوانين.
ولكن شرطة دبي، وبحركة ذكية للغاية، حولت الفكرة برمتها إلى مبادرة إيجابية بشكل كامل، مليئة بالعدالة والتحفيز، ومن خلالها يجد المجتهد والملتزم بالقوانين تشجيعاً وتكريماً مناسبين، ويلقى المُخالف أمامه فرصة للتخفيف من فاتورة المُخالفة، والقرار في يد السائقين، وهم وحدهم من يحددون نوعية المكافأة.
المبادرة كما أطلقتها القيادة العامة لشرطة دبي، هي أول مبادرة من نوعها تتيح إلغاء المخالفات المرورية بنسب متصاعدة، تبدأ بـ25% للسائقين الذين يلتزمون لمدة ثلاثة أشهر، وصولاً إلى إلغائها كلياً لمن لا يرتكب مخالفات مرورية لمدة عام من بدء تطبيق الآلية، وبذلك تغلبت الشرطة على فكرة عدم العدالة في تخفيض المخالفات المرورية للمخالفين فقط، فالربط هنا بين الأداء الحسن والالتزام وبين التخفيض، وليس بين المُخالفين والتخفيض، كما هو في السابق.
تحفيز وتشجيع على فكرة الالتزام بالقوانين، ما بعده تشجيع، فلا يوجد سائق غير معرض للمخالفة المرورية، أياً كان نوعها، ولكن بعد تطبيق هذه الآلية، فالمخالف بإمكانه إثبات حُسن النية، وإثبات احترامه للقوانين، وبذلك وفق نظام تسوية المخالفات المرورية الجديد، والذي دخل حيز التنفيذ أمس، فإن نتائج المخالفات تظهر بعد ثلاثة أشهر، إذ يخصم 25% من إجمالي المخالفات السابقة للسائق إذا لم يرتكب أية مخالفات مرورية خلال الأشهر الثلاثة، وفي حالة التزامه لمدة ستة أشهر، أي حتى شهر أغسطس المقبل، فإنه يحصل على خصم بنسبة 50% من إجمالي مخالفاته حتى تلك التي ارتكبها قبل تطبيق المبادرة، وفي حالة التزامه لمدة تسعة أشهر، أي في شهر نوفمبر المقبل، فإنه يحصل على خصم قيمته 75% على المخالفات السابقة، أما إذا التزم لمدة عام كامل من الآن، فسوف تلغى جميع مخالفاته.
مبادرة مميزة بحق، فهي تعكس الوعي الكبير الذي تُخاطب به الشرطة أفراد المجتمع من السائقين، وتعكس اهتمامها بسلامة الناس وحرصها على أرواحهم، من خلال حثهم بشكل مبتكر على الالتزام بقوانين السير والمرور، والتجارب أثبتت أن المبادرات التقليدية مثل طرح خصم 30% أو 40% على المخالفات السابقة، ليس له مردود يذكر، لأن السائق يستفيد منها دون أن يلتزم لاحقاً، بل إن البعض يؤجلون تجديد ملكية سياراتهم لحين طرح تلك الخصومات، أما الآلية الجديدة فإنها جعلت القرار برمته في يد السائق، ومنحته حق تحديد حجم الخصم الذي يستحقه بناء على التزامه بالقوانين.. إنها فعلاً فكرة ذكية ومبادرة رائعة.
reyami@emaratalyoum.com
twitter@samialreyami
لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .