احذر من الشركة (F...)!
«الطمع يعمي البصر والبصيرة»
مجهول
كنت جالساً ذات يوم في أحد الكافيهات مستمتعاً بقراءة كتاب «البطل بألف وجه» للكاتب الكبير جوزيف كامبل، وفي غمرة هدوئي لفت نظري (F...) شخص يجلس قبالي على المنضدة الأخرى يلبس قميصاً يبدو أنه رسمي يحمل شعارات الشركة المشؤومة.
كان يتجاذب أطراف الحديث بودّ ولطف مع أحد الشبان المواطنين الذي بدا منصتاً بعناية فائقة لما كان يقوله ممثل الشركة المشؤومة؛ وذلك بلطف طبعاً! لما رأيت هذا المشهد تملكني الغضب ذلك أنني علمت بأن هذا الشاب المواطن قد غرّر به، وقد وقع في الفخ، فالشركة المشؤومة كنت قد تحريت عن نشاطاتها المشبوهة منذ فترة بعيدة، وتيقنت أنها تعمل على اجتذاب مستثمرين بعد أن يعدوهم بعوائد طائلة في فترة وجيزة من الزمن وهيهات أن يحدث ذلك! حسناً بعد أن انتهى المواطن من إنصاته، وهمّ بالرحيل لحقته إلى مركبته مستعجلاً وقمت بتحذيره قائلاً: «لا تستثمر في هذه الشركة إنه فخ»، فقال لي بعد أن طافت علامات الحزن على وجهه: «فات الأوان فقد سلمتهم مبلغ 150 ألف درهم منذ شهر وقد أغلق حسابي لسنة كاملة!».
ما تقوم به هذه الشركة المشؤومة أعزائي القرّاء هو تطبيق تقليدي عملي لمخطط بونزي الذي ابتدعه تشارلز بونزي في عام 1919، الذي تقوم فكرته على إيهام المستثمرين بتحقيق ثروة صاروخية في فترة وجيزة، من خلال وضعهم مبالغ مالية في الشركة، التي تقوم بدورها بمضاعفة المبلغ للمستثمرالذي يجلب مستثمرين آخرين، وفي حقيقة الأمر أن المستثمر الأول قد نال حصته من الفوائد على حساب أموال المستثمرين الآخرين الذين خدعهم، وانضموا لهذا المقلب.. وهكذا دواليك فالمستثمر الأول هو المستفيد الأول، وكلما زاد عدد المستثمرين استفاد المستثمر الأول، وخسر أمواله المستثمر الأخير!
هل الاستثمار في هذه الشركة يجلب منفعة عامة؟ لا.. فإنها فعلياً لا تقوم بشيء محدد، ودخولك إلى موقعهم للتحقق من نشاطاتهم سيسبب لك شللاً في وظائف الدماغ، لأنك ستدخل في متاهة ولغز سماوي، فقد صمم الموقع لهذا الغرض من الأساس كي لا تعرف ماذا يفعلون حقاً! من الخطوات التي قامت بها الشركة المشؤومة لمواكبة لغة العصر، عندما قرروا إلباس مخططهم المخادع العتيق ثوباً جديداً في عالم العملات الرقمية، من خلال إنشاء عملة رقمية اسمها (F…). ومن مصادفات الحظ أن عدد حروف اسم العملة يعادل عدد حروف كلمة SCAM! وبعد إجراء تحرٍ بسيط عن بيانات هذه العملة تجدها تحتل المرتبة رقم 1783 من أصل 2062 في سوق العملات الرقمية!. وهي مرتبة دنيئة جداً في عالم العملات الرقمية، كما لا توجد هناك بيانات أساسية عن الغرض من إنشاء العملة، أو عن أعضاء الفريق الذي يعمل على تطويرها، ما يشكل علامة استفهام كبيرة على مشروعية نشاطاتهم، وقد حذّرت هيئة الأوراق والسلع في أبوظبي من التعامل معهم في فترة سابقة، كما كتب عنها عدد كبير من الصحف العالمية فهل من متعظ؟
الشركة المشؤومة قامت، أخيراً، بإغلاق حسابات جميع المستثمرين وتحويل أموالهم كلها إلى العملة الرقمية الوضيعة التي ذكرناها سابقاً، وهذا الأمر يمنع المستثمرين من تداول العملة أو سحب المبلغ إذا قرر أحدهم الخروج من هذا الكمين! هناك أكثر من 6800 مستثمر قد تم خداعهم داخل الدولة بالطريقة نفسها، والعدد يتزايد والطمع يتفشى.. لذلك أناشد الجهات المختصة بالتدخل السريع لإيقاف هذه المهزلة، وهذا الاستخفاف بعقول الناس.
احذر من الشركة (F...) فإنها فخ.
قال لي بعد أن طافت علامات الحزن على وجهه: «فات الأوان فقد سلمتهم مبلغ 150 ألف درهم منذ شهر وقد أغلق حسابي لسنة كاملة!».
Ahmed_almadloum
لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .