الخيانة العاطفية «تفسير بيولوجي»
«لم أخنك ولا حتى بالذاكرة»..
دوستويفسكي لزوجته وهو على فراش الموت.
تنويه: هذا المقال مزعج ومشوش عاطفياً لذلك لا تقرأه إن كنت لا تحتمل تقبل بعض الحقائق العلمية التي لا تتناسب مع قناعاتك.
يقول الشاعر نزار قباني «وتسأليني ما الحب؟ الحب، أن أكتفي بك ولا أكتفي منك أبداً». ما أروع ما قاله شاعرنا عن الحب ولو كانت هذه هي الحالة دائماً لأصبحنا كما يقول غوته «أسعد من تظله السماء»، ولكن رجوعاً إلى الواقع يتبادر إلى ذهني هذا السؤال: لماذا يخون الإنسان من يحب؟!
الحب من ناحية بيولوجية هو إفراز كميات كبيرة من هرمون الدوبامين، الذي بدوره يحفز مراكز المتعة في العقل، ومن قبيل المصادفة فإنها المنطقة ذاتها التي تنشط كذلك عند تعاطي مخدر الكوكايين! ولكن كيف تحدث الخيانة العاطفية من ناحية بيولوجية؟
قضت عالمة السلوك البشري هيلين فيشر 30 عاماً في دراسة عقل الإنسان، وتوصلت مؤخراً الى أن العقل البشري يحمل في داخله ثلاثة أنظمة أثناء دخول المرء في أي علاقة عاطفية، هي «الرغبة الجسدية، الحب الرومانسي، التعلق العميق»، لكن ذلك لا يعني أنها تعمل في خط متوازٍ من خلال توجيه هذه الطاقة العاطفية الهائلة إلى شخص واحد فقط! فالإنسان قادر على أن ينجذب إلى شخص ما جنسياً مع وجود ثانٍ يشاركه الحب الرومانسي وثالث يتعلق به لفترة طويلة، وكل ذلك بمشاعر صادقة! وكأن عقلك يحمل في داخله ثلاثة عقول أخرى بأجندات مختلفة، وكما لخصت فيشر هذه الحالة المتناقضة أثناء إلقاء خطابها في مؤتمر تد الشهير «باختصار نحن قادرون على حب أكثر من شخص واحد مرة واحدة، في الواقع يمكنك أن تتبادل مشاعر حسّية عميقة للتعلق العاطفي مع شخص بينما تتبادل مشاعر عميقة للحب الرومانسي مع شخص آخر، الأمر كما لو أنه هناك اجتماع لجنة يجري في دماغك».
كما قد يكون التكوين الجيني للإنسان هو السبب لخيانة المرء شريك حياته؛ فقد أثبتت الدراسات العلمية أن DRD4
(وهو الجين المسؤول عن إنتاج هرمون الدوبامين المرتبط بالحب) هو الجين المسؤول عن الخيانة كذلك!
ولكن كل ذلك يعتمد على شكل «الأليل»، الذي يعني في علم الوراثة: نسخة أو شكل بديل للجين أو موقع كروموسومي، فقد اكتشفت الدراسة أن الأشخاص الذين يحملون أليلاً طويلاً هم بحاجة إلى جهد مضاعف لإنتاج هرمون الدوبامين، وبذلك تتضاعف لديهم احتمالية الخيانة، مقارنة بالأشخاص الذين يحملون أليلاً قصيراً.
تشير آخر الإحصاءات إلى أن 91% من الشعب الأميركي يعتبرون الخيانة العاطفية فعلاً مشيناً، ومع ذلك هناك أكثر من 30% منهم اعترفوا بأنهم في مرحلة من مراحل حياتهم قد خانوا أزواجهم أو زوجاتهم!
يمكننا أيضاً أن نعزو سبب الخيانة من ناحية نفسية إلى أن الارتباط العاطفي قفص وهمي تضع نفسك داخله بمحض إرادتك، والإنسان بطبيعته متمرد، وفعل الخيانة هو نوع من أنواع التحرر بالنسبة له، لكن هذا لا يعني أن البشر كلهم كذلك، فهناك الكثير والكثير منهم من هو قادر على توجيه عواطفه كاملة إلى شخص واحد فقط، ليصبح ذلك الشخص هو عالمه ومحور حياته، فلا ننسى دوستويفسكي العاشق الوفي وما قاله لزوجته وهو على مشارف الموت في أول المقالة.
وأنتم أعزائي القراء ما رأيكم في ذلك؟
Ahmed_almadloum
لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .