عبدالله المسعود والرجال المخلصون
لازلت أتذكر حديث صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، قبل سنوات عدة، عندما تحدث عن رجال الإمارات المخلصين، وقد خص بالذكر رجل الأعمال المعروف عبدالله رحمه المسعود، الذي توفاه الله قبل يومين، مستشهداً بموقفه من الحكومة عندما طُلب منه توفير نحو 4000 سيارة، إبان الغزو العراقي الغاشم لدولة الكويت، رافضاً تحديد أي مبلغ، ومصراً على أن مصلحة الوطن واحتياجاته - في تلك الفترة - أغلى من أي أمر آخر.
قبل هذه الحادثة لم أكن أعرف عن عبدالله المسعود - رحمة الله عليه - سوى أنه رجل أعمال وأحد أثرياء الدولة، إلا أن تطرق الشيخ محمد بن زايد إلى ذلك الموقف جعلني أنظر إليه من زاوية مختلفة، إنها الزاوية التي ترى فيها الأمور بطريقة مختلفة، لاسيما في تلك الأوقات الحرجة التي تظهر فيها معادن البشر، وأثبت حينها أنه لم يفكر كرجل أعمال، بل قدم حب الوطن على أي اعتبار آخر، ورأى أن من واجبه أن يكون عوناً في وقت حَرِج.. لا يحتمل أي تأخير.
قد لا تسعفني الذاكرة لذكر جميع الأثرياء، الذين سخّروا أموالهم في خدمة الدولة، فلا يمكن أن أنسى المرحوم سلطان بن علي العويس، الذي شيد المستشفيات والسدود، وغيرها من المشروعات الحيوية والمهمة، ويبرز كذلك جمعة الماجد، المعروف بأعمال الخير، وصاحب المدارس الأهلية التي يدرس فيها الآلاف بمبالغ رمزية، ولابد أن أتذكر حسين خانصاحب، الذي بنى العديد من البيوت للمواطنين، إسهاماً في حل مشكلة الإسكان لذوي الدخل المحدود، وهناك بالطبع الكثير من أمثالهم الذين تشهد لهم أفعالهم أمام القاصي والداني، وكانوا مثالاً طيباً لأبناء الوطن.
عندما أتمعن وأفكر في أفعال الرجال المخلصين، التي لابد أنها عبرت عن حب الوطن، أتذكر تلك العبارات الجميلة التي كتبها واسيني الأعرج: «حب الوطن شيء آخر، مساحة بلا حدود لأنها بلا ثمن، تكاد تكون غريزة بلا ناظم لها، نشتهيه ولا نطلب منه شيئاً إلا سعادة الألم، عندما تتراجع كل القيم، ينهض هو فينا كمرض لذيذ تصعب مقاومته، إنه حب الوطن».
• قد لا تسعفني الذاكرة لذكر جميع الأثرياء، الذين سخَّروا أموالهم في خدمة الدولة.
Emarat55@hotmail.com
Twitter: @almzoohi
لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه.