5 دقائق
لا يوجد مشاهدون!
سألني صديق إن كنت أشاهد التلفاز فأجبته بالنفي، وسألته السؤال نفسه، فأجاب بالنفي، ثم قال إنه يشاهد كل ما يريده على «يوتيوب». سألت كل الأشخاص من حولي في المنزل إن كانوا يشاهدون التلفاز، فأجابوا بالنفي! وسعت دائرة الأشخاص، وسألت من هم خارج المنزل من الأصدقاء وأصدقائهم، فأجابوا جميعاً بالنفي.
كل الأشخاص الذين سألتهم من المنزل إلى الأصدقاء وزملاء العمل لا يشاهدون التلفاز، أصغرهم 12 سنة، وأكبرهم 69 عاماً، وكلهم يقضون وقتهم على الـ«واتس آب» و«السوشيال ميديا».
من الذين سألتهم عشاق الكرة، وذكروا أنهم يشاهدون المباريات فقط على التلفاز! ماذا حدث للتلفاز التقليدي؟ من يشاهده؟ هل يعقل أن كل هذه القنوات الفضائية بلا جماهير؟ أم أن الجمهور يشاهدها في رمضان فقط، ويتجاهلها بقية العام؟
لا توجد إجابات واضحة، والقنوات التقليدية لها أسلوب خاص لقياس نسب المشاهدة، وهو أسلوب غير دقيق، لكن الواضح كالشمس أن تلك القنوات خسرت الجماهير لصالح «السوشيال ميديا». تشاهد الناس «يوتيوب» وإخوانه لأسباب كثيرة، منها:
1- القنوات التقليدية تعطي المشاهد ما تريد أن يشاهده، وهذا نموذج التلفزيون منذ ظهوره كاختراع في الخمسينات لم يتغير إلى اليوم، بينما «السوشيال ميديا» تعطي المستخدم خيار مشاهدة ما يريده. يختار ما يريده أو يغلقه بضغطة زر. هذا معناه أنه حتى لو تحولت القنوات الفضائية إلى نموذج «سوشيال ميديا»، فإن فرصتها في المنافسة ضئيلة جداً، لأنها غيرت الشكل فقط، وبقي المحتوى كما هو، والمحتوى قد لا يكون بالضرورة سيئاً، لكن المستخدم يفضل الموجود في «سوشيال ميديا».
2- مشاهدة القنوات التقليدية أصبح عبئاً، فالمشاهد يضبط وقته مع وقت البرنامج الذي يريد مشاهدته، وربما عليه البقاء في المنزل أو العودة إليه، بينما «السوشيال ميديا» موجودة على الهاتف الذكي يفتحها متى شاء.
3- التنافس الشديد بين منصات «السوشيال ميديا» وإصدار تحديثات لتطبيقاتها كل شهر أو شهرين، لإضافة مميزات جديدة للمستخدم، أعطاها أفضلية كبيرة جداً على القنوات الفضائية التقليدية، التي لا تُحدَّث إلا مرة كل عام أو عامين بالنسبة للمحتوى، أما شكلاً فربما مرة كل 10 سنوات.. والإنسان بطبعه يبحث عن الجديد.
4 - انتشار الهواتف الذكية، حتى بين الذين وصلوا العقد السابع من أعمارهم، لأن الزمن تغير، وحتى هؤلاء على قدر كبير من التعليم، أهلهم لاستخدام «السوشيال ميديا».
5 - الطبيعة الإدمانية لـ«السوشيال ميديا»، مقارنة بالطبيعة المملة للقنوات التقليدية. «السوشيال ميديا» مصممة كي تجمع كل المواد التي تهم مستخدم منصة ما، وتضعها أمامه بترتيب معين. القنوات الفضائية بعيدة سنوات ضوئية عن الطبيعة الإدمانية.
بالعربي: هذا المشهد يتكرر كلَّ يوم في كلِّ بيت ومجلس، التلفاز يعرض قناة معينة بلا مشاهدين، رغم وجودهم أمامه! فالكل «مبحلق» في شاشات الهواتف الذكية، غير عابئين بالبرامج على الشاشة الكبيرة أمامهم، ثم نقرأ الأخبار عن نسب مشاهدة القنوات الفضائية العالية منشورة في الصحف! نعم النسب عالية لمجرد تشغيل التلفاز، الذي أصبح قطعة ديكور.. لكن الواقع يقول: لا يوجد مشاهدون!
Abdulla.AlQamzi@emaratalyoum.com
لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .