كـل يــوم
خفض هدر الغذاء مسؤولية مشتركة
الأمن الغذائي يشكّل أولوية عمل جميع حكومات العالم، خصوصاً الدول ذات الطبيعة الصعبة التي تفتقر إلى مقومات الإنتاج الزراعي، ونحن في الإمارات نقع ضمن هذا التصنيف، لذلك فالأمن الغذائي يحوز اهتماماً كبيراً لدى حكومة دولة الإمارات، وهو مؤشر حيوي يعبر عن فعالية وكفاءة السياسات الحكومية والتنموية والاقتصادية والبيئية، وهو رافد مهم للاقتصاد الوطني، لذلك وضعت استراتيجية وطنية للأمن الغذائي قصيرة وطويلة الأمد، لضمان توفير الغذاء بالكميات الكافية تحت أي ظرف وفي أي وقت.
نحن في الإمارات لا نشعر، ولله الحمد، بأي نقص في أي نوع من أنواع الغذاء، لكن الدولة تعاني مشكلة كبيرة غير مرتبطة باستيراد وتوفير الغذاء، بل هدر واستنزاف هذا الغذاء، وذلك بسبب سلوكيات خاطئة، وممارسات سلبية، وعادات اجتماعية مبالغ فيها، كل ذلك يكلّف الدولة سنوياً مليارات من الدراهم الضائعة بسبب هذا الهدر!
الإحصاءات تشير إلى أن ثلث إنتاج الغذاء في العالم يُهدر، ونحن في الإمارات لسنا استثناء من هذا العالم، والمجتمع بمختلف فئاته يهدر كميات ضخمة من الأطعمة والأغذية، لذلك فالحكومة تسعى جاهدة من خلال استراتيجياتها لخفض معدل هدر الغذاء في الإمارات إلى 15%، ولو استطاعت الحكومة الوصول إلى هذا الهدف، فإن هذه النسبة تساوي بلغة الأرقام ستة مليارات درهم بالضبط!
الاستراتيجية الإماراتية الوطنية للأمن الغذائي تتضمن 38 مبادرة رئيسة، قصيرة وطويلة المدى، ضمن رؤية عام 2051، وأجندة عمل لعام 2021، من خلال خمسة توجهات استراتيجية تركز على تسهيل تجارة الغذاء العالمية، وتنويع مصادر استيراد الغذاء، وتحديد خطط توريد بديلة، تشمل من ثلاثة إلى خمسة مصادر لكل صنف غذائي رئيس.
ولو نجحت هذه الاستراتيجية، فإنها ستسهم في تعزيز مكانة الإمارات في مؤشرات الأمن الغذائي العالمي، وتحويلها إلى مركز للأمن الغذائي القائم على الابتكار، وستؤدي إلى وصول الإمارات ضمن أفضل 10 دول في الأمن الغذائي بحلول عام 2021، مع العلم أنها تقع حالياً في المرتبة 31 عالمياً في ترتيب مؤشر الأمن الغذائي.
تسعى الاستراتيجية، ضمن توجّه الحد من فقد وهدر الغذاء، إلى تطوير منظومة متكاملة لخفض نفايات الطعام ضمن سلاسل التوريد، إضافة إلى وضع الأطر التنظيمية للحد من فقدان الأغذية، بما في ذلك فرز النفايات من المصدر، وإيجاد أطر التعاون المشتركة في مجال إعادة تدوير النفايات ومعالجة المخلفات الغذائية، وإيجاد بنوك طعام متعددة على امتداد الدولة.
لكن كل ذلك لن يتحقق ما لم تتغير ثقافة المجتمع وسلوكياته المدمرة للغذاء، فنحن من نهدر الطعام، ونحن من نتعامل معه بلامبالاة، ونحن من نملأ طاولات الطعام بمختلف أنواع الغذاء، ثم نرميها في النفايات، ونحن من نبالغ في احتفالاتنا وفي أفراحنا وحتى في أحزاننا، ونحن من يُرهق الدولة، ويُشتت جهودها، ويعطّل استراتيجياتها، وإن لم يبدأ كل منا بنفسه وبيته وتثقيف أبنائه بضرورة التعامل مع الغذاء بحرص وعناية، فلن تصل الدولة يوماً إلى هدفها بخفض الهدر العام للغذاء إلى 15%!
twitter@samialreyami
reyami@emaratalyoum.com
لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .