كـل يــوم
لا مبالاة في ردة الفعل!
بعد أربعة أيام من إصابة اللاعب، أحمد ربيع، في ملعب اتحاد الكرة، واصطدامه بشدة في عمود الإنارة، خرج مسؤول من اتحاد الكرة وأدلى بتصريحات غريبة جداً، أغرب ما فيها أنه مُنفعل وغاضب، ليس مما حدث للاعب بل من زيارة وفد من هيئة الشباب والرياضة لتفقد الملعب المقصود من دون علم اتحاد الكرة، ومن دون التنسيق المسبق مع الاتحاد، أو كما قال بالحرف الواحد «أتمنى لو كانت الزيارة مرتبة، وحسب الأصول المتعارف عليها»!
هذه هي قضيته المهمة، وهذا هو أكثر ما استفزه وأثار استياءه، في حين أن ما حدث للاعب أمر هامشي، وغير مهم، ولذلك لم يخصّه بالذكر في تصريحاته، ولم يبدِ أي أسف أو اعتذار عما جرى له، وكأن أمر اللاعب وسلامته، هو وغيره من اللاعبين، آخر أولويات الاتحاد، في حين أن الكارثة الكبرى هي في زيارة وفد الهيئة للملعب من دون أخذ تصريح من اتحاد الكرة، بالفعل تصريح مؤسف ومخالف لكل «الأصول المتعارف عليها»!
اصطدام ربيع بعمود الإنارة حدث في ملعب يخلو من مواصفات السلامة، كما يخلو من سيارة إسعاف، وفي ذلك مخالفة صريحة من اتحاد الكرة للقوانين، فهو ذاته الذي أصدر عقوبة، قبل سنوات عدة، على أحد الأندية بسبب عدم وجود سيارة إسعاف في الملعب، وألغى مباراة ضمن دوري الهواة بين الذيد والفجيرة لتأخر حضور سيارة الإسعاف 13 دقيقة إلى الملعب، في حين أنه سمح بإقامة مباراة على ملعبه من دون وجود سيارة الإسعاف، ومع ذلك لم يصدر أي بيان رسمي من اتحاد الكرة منذ وقوع الحادثة يشرح فيه ملابسات ما حدث، ويوضح للجماهير الإجراءات التي سيتبعها، أو التحقيقات التي سيبدأها لتحديد المسؤول، وماهية الإجراءات القانونية التي ستُتخذ ضد من يثبت تقصيره، خصوصاً أن هناك لاعباً تضرر، وكاد يفقد حياته دون ذنب منه!
لم يحدث كل ذلك، ولعل المسؤولين في الاتحاد فوجئوا بزيارة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، حفظه الله، للاعب في مستشفى راشد، وتوجيهاته الفورية لهيئة الشباب والرياضة بالتأكد من توافر معايير السلامة في كل الملاعب لحماية اللاعبين، ولضمان عدم تكرار ما حدث.
عندها فقط شعر الاتحاد بالحرج، لكنه «يبغي يداويها سعى في عماها» كما قال آباؤنا الأولون، فصدرت تصريحات غريبة متخبطة من أحد مسؤوليه يؤكد في بدايتها «أن الاتحاد يحرص على تطبيق معايير الأمن والسلامة في المنشآت والمرافق التابعة له كافة، بما فيها الملعب الذي وقعت الحادثة، وذلك حسب متطلبات الاتحاد الدولي لكرة القدم»، متناسياً أن الاتحاد لو كان فعلاً حريصاً على تطبيق معايير السلامة لما أُصيب أصلاً اللاعب، أحمد ربيع، في مشهد تنفطر له القلوب!
كان الأجدر بالاتحاد أن يتخذ موقفاً أكثر شجاعة، وليس من الشجاعة محاولة التنصل مما حدث، وإلقاء المسؤولية بشكل مُبطّن على الأمين العام للهيئة العامة للرياضة، الذي كان يترأس اللجنة التي أشرفت على متابعة سير العمل في مشروع مقر الاتحاد، حين كان نائباً لرئيس اتحاد الكرة في تلك الفترة، كما جاء في تصريحات المسؤول، متناسياً أن مهمة الإشراف على الملعب والمبنى، هي مسؤولية الاتحاد منذ اليوم الأول لتوليهم المسؤولية، ولم يكن سيعارضهم أحد لو غيّروا وبدّلوا في الملعب، وفقاً لما يرونه مناسباً لمصلحة اللاعبين!
بدلاً من تحمل المسؤولية، وفتح التحقيقات مع المسؤولين والشركات المنفذة للمشروع، ومعاقبة من يثبت تقصيره، تعامل الاتحاد بلامبالاة شديدة مع هذه الحادثة، وكل ما يقلقه اليوم هو دخول وفد الهيئة لتفقد الملعب من دون تنسيق وتصريح مسبق معهم.. حقاً إنها ردة فعل غريبة!
لا أحتاج أبداً إلى أن أُذكركم في ما لو حدثت مثل هذه الواقعة في دولة أوروبية، لكان أول إجراء سيُتخذ هو تشكيل لجنة تحقيق مع المسؤولين في الاتحاد، والمسؤولين في الشركات المنفذة للمشروع، وبالتأكيد سيُحرّك اللاعب المصاب دعاوى قضائية على كل من يثبت إهماله لأنه تضرر جراء ذلك الإهمال، لكن مثل هذه الحادثة مستحيل حدوثها في الدول الأوروبية أو أميركا، ببساطة لأنه لا يمكن أن تجد عموداً حديدياً ضخماً داخل الملعب قرب خط التماس، فمن البديهيات في ملاعب الكرة أن تبعد المسافة بين الملعب وأي جسم صلب، حتى لو كان كرسياً، من ثلاثة إلى خمسة أمتار!
reyami@emaratalyoum.com
twitter@samialreyami
لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .