5 دقائق
النقد ليس خيانة
عندما يشتكي المواطن أو المتعامل فإن ردة الفعل تكون عادية جداً لدى بعض الجهات، بينما على النقيض من ذلك هناك عدد من الجهات تتواصل مع المتعاملين بطريقة حضارية، تستمع للشكاوى وتحقق فيها، وتتخذ إجراءات من شأنها القضاء على هذه السلبيات.
إنما من الغريب جداً أن هناك جهات لا تحترم أي رأي ولا تناقش أي شكوى، ولا تهتم بالعملاء ولا بالاستفسارات، وقد خصصت حساباتها في وسائل التواصل الاجتماعي لنشر صور المديرين والمسؤولين، وكتابة أخبار لا يهتم بها إلا الذين يعشقون التصوير والظهور في المناسبات، والذين يتوهمون أن زيادة الصور الملتقطة تعني تحقيقهم إنجازاتٍ يشار لها بالبنان، بينما فعلياً وواقعياً لا تعدو كونها نوعاً من الاستعراض الممل الخالي من أي إثارة أو فائدة تذكر.
هذه النوعية من المؤسسات لا تؤمن بالنقد ولا بالتعديل، وهي عبارة عن مؤسسات يمكن وصفها بمؤسسات الشخص الواحد، وتعتبر بيئة طاردة للعمل ولا يستمر فيها إلا المحسوبون على جوقة المسؤول أو المدير، بل إن الأسوأ في مثل هذه الجهات أن النقد فيها ممنوع، ولا تتوانى عن اعتبار أي انتقاد لها إساءة وتشهيراً، فتمارس نوعاً من «التفرعن» على من يتجرأ وينتقد تلك الجهات.
تغريدة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، عن بريد الإمارات، قلبت المواجع لدى الكثير من المواطنين والمقيمين على حدٍّ سواء، وكشفت كيف أن هناك جهات تفننت في تجاهل الشكاوى، بينما بعد تغريدة الشيخ محمد تغيرت طريقة تعاملها مع الجمهور إيجابياً، لأن الرسالة التي أرسلها لم تكن لبريد الإمارات على وجه الخصوص، بل كانت رسالة لجهات أخرى أرى أنها من وجهة نظري تستحق جائزة الأداء الحكومي بالإجماع ودون أي مناقشة.
لا تُبنى الأوطان بالمجاملة، ولا بالسكوت عن الأخطاء المتكررة، ولا بتشجيع الفاشلين، الوطن يستحق منا الكثير ليستمر في التقدم والتطور، ويعبر عن رؤية القيادة الحكيمة التي تنشد دائماً أن نكون الرقم واحد.
تقبّل النقد الإيجابي بداية لتصحيح الأوضاع، بينما المكابرة والتجاهل والعناد وعدم الاكتراث التي تبديها بعض الجهات دليل صارخ على أنها تسير في الطريق السريع نحو الهاوية. يقول الزميل محمد الرطيان: «النقد ليس خيانة، الخيانة أن تزيّن القبح، وتصفق للأخطاء، وتتعامل مع وطنك كأنه راتب آخر الشهر».
الوطن يستحق منا الكثير ليستمر في التقدم والتطور.
Emarat55@hotmail.com
Twitter: @almzoohi
لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .