5 دقائق
شهر الإعلانات
نجم يحصل على ملايين الدولارات مقابل ظهوره لثوانٍ في إعلانٍ تافه، ومستشفى خيري ينفق ما يزيد على 40% من ميزانيته على الإعلانات، وشركة اتصالات تدفع ملايين لممثلين أجانب لمجرد ظهور لا معنى له في إعلان سمج، ما يجعلنا نتساءل هل يمكن أن يأخذ البعض قرار شراء بيت بناء على إعلان تلفزيوني؟ أو هل ممكن أن يغير البعض تعاقدهم مع شركات الاتصالات لأن نجماً معيناً ظهر في إعلان لشركةٍ أخرى؟ هل هناك فعلاً جدوى من الإعلانات التلفزيونية؟ وإن لم تكن هناك جدوى ما السبب إذن في هذا الكم من الإعلانات الذي يرفع الإنفاق سنوياً لأرقام فلكية؟ هل توجد مافيا منظمة وراء هذه الصناعة التي تشتمل ولا شك على عمولات و«إكراميات» بالملايين.
لا شك أن صناعة الإعلان مهمة ولها أثر اقتصادي كبير، ولكن المبالغة وعدم المهنية والممارسات اللاأخلاقية هي ما تضع الكثير من علامات الاستفهام والتعجب والاستنكار، خصوصاً في شهر رمضان الكريم الذي يفترض أنه شهر للتعبد والتدبر ومراجعة النفس والبعد عن الشهوات المادية والمعنوية، ما الذي يحدث في عالمنا العربي وما هذا الهراء الذي تفرضه علينا القنوات التلفزيونية، ومن الذي خول تلك القنوات بأن «تختطف» الجماهير وتفعل بها ما تشاء، ولماذا نسكت على ذلك ونكتفي بالاستنكار والتأفف ولا نقاطع هذا السيل من الممارسات اللاأخلاقية التي تصل في بعض الأحيان إلى جرائم قد يحاسب عليها القانون في دول أخرى. إن الابتزاز العاطفي الذي تقوم به المؤسسات الخيرية يحتاج إلى مراجعة وتقييم لمعرفة مدى قانونية ما تقدمه كمادة إعلانية، والإعلانات التي تهين فيها الأم ابنها وتهتم بالغسالة أكثر منه بحاجة إلى عقاب رادع لكل من أسهم في تقديم هذه العمل الرديء، ناهيك عن الألفاظ السوقية في الكثير من الإعلانات.
أقدم هنا ثلاثة اقتراحات: الأول للشركات المعلنة وهو صرف مبالغ الإعلانات على العمل الخيري، تخيل لو قامت الشركة بتقديم مبلغ الـ120 مليوناً الذي تدفعه للإعلانات إلى مؤسسات خيرية موثوق بها، أتصور أن مبيعاتها ستزداد وسيقدر الجمهور ذلك. الاقتراح الثاني للمشاهدين وهو التوقف عن مشاهدة أي برنامج يبالغ في بث إعلانات، فما معنى أن يقدم برنامج 17 دقيقة إعلانات مقابل كل سبع دقائق من البرنامج سوى الاستخفاف بالجمهور وعدم احترامه، وبالتالي فالردّ المناسب هو المقاطعة التامة للبرنامج وللشركات المعلنة. الاقتراح الثالث للجهات الرقابية مثل حماية المستهلك بأن تأخذ إجراءات حاسمة تجاه تلك الممارسات وتفعّل قنوات اتصال للجماهير حتى تتقدم بشكواها عن الممارسات غير المقبولة، وكل عام وأنتم بخير.
@Alaa_Garad
Garad@alaagarad.com
لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه.