الفرق بين التطور والوهم!
المرشد الأعلى للثورة الإيرانية يرى أن بناء أعلى برج، وأكبر مطار، لا يعتبر تطوراً، بل هو «تقهقر وخسارة»، وهذا ليس غريباً أبداً على نظام الملالي في إيران، فالتطور عندهم مرهون بشعارات رنانة، وكلمات حماسية، وأموال ضائعة ومهدورة على نشر الدمار والقتل، وتسليح الميليشيات، والتطور عندهم مرهون بالاستكبار والتهديد والوعيد، ودعم الإرهاب، ونشر الظلم.
لا مجال للمقارنة بين ما وصلت إليه دول الخليج العربية من تطور والوهم الذي يعيشه نظام الملالي الإيراني، فأصغر مدينة خليجية هي أكثر تطوراً ونظافة ونظاماً وجمالاً من العاصمة الإيرانية طهران، وهذا ليس بسبب المال، فإيران ليست دولة فقيرة، بل هي دولة نفطية غنية، لديها الكثير من الثروات، ولكن لأسباب تتعلق بالفكر وتطور العقول ونجاح الإدارة، فمن يضع رفاه الشعب ومواكبة أفضل الممارسات والتطورات العالمية في تقديم الخدمات، ويعمل على استقرار المنطقة وتدعيم الاقتصاد، ليس كمن يرى التطور في نشر ثورة فارغة المضمون بالقوة، ويتعامل مع جيرانه بعقليات عصور الظلام القائمة على الفوقية والعنصرية، ويتآمر ليل نهار لتهديد أمن واستقرار المنطقة، لأسباب أيديولوجية بغيضة، وبعيدة كل البعد عن زمن التطور والحضارة والتقدم التقني الذي يجتاح العالم!
وعلى الرغم من المشكلات الكثيرة التي يعانيها الاقتصاد الإيراني، إلا أن النظام الحاكم في طهران لايزال يخدع شعبه، ويستغبيه، ويحاول إخفاء جميع الدلائل التي تشير إلى شبه انهياره اقتصادياً، ويلعب على وتر السياسة الخارجية، من خلال إبراز قضايا تتعلق بالنفوذ الذي تحاول إيران فرضه على دول الجوار، لتمرير مشروعها التوسعي!
والعديد من التقارير الدولية أرجع الحالة الاقتصادية المستعصية لإيران، والأزمات التي دخلت فيها خلال السنوات الماضية، إلى العديد من الأسباب، ولاشك أن العوامل السياسية التي لا تخفى على أحد كانت بين الأسباب الجوهرية التي ستقودها إلى الهاوية، فمن دعمها للجماعات الإرهابية المتطرفة في جميع أنحاء المنطقة، مثل الحركات المسلحة الإرهابية في سورية والعراق وحتى اليمن، إلى محاولاتها التدخل في الشؤون الداخلية للدول المجاورة، من خلال تجنيد جماعات أو منظمات خفية، بغرض توسيع نفوذها السياسي، والتحكم في القرار الخاص بالدول المحيطة بها، وغير ذلك من ممارسات بشعة.
فنظام الملالي الحاكم في إيران يتّبع نهجاً سياسياً متطرفاً، قاد المجتمع الدولي إلى فرض عزلة على اقتصادها، وهو ما أثر بشكل كبير في مداخيل المواطنين الذين يُواجَهون بالقمع الشديد في الداخل، مع محاولة النظام إيصال صورة مضمونها أن الدولة يمكنها التعامل مع الأوضاع الصعبة وتسييرها، والنجاة بها إلى بر الأمان، ولكن الأرقام تظهر خلافاً لذلك، حيث أورد البنك الدولي تقارير خاصة بالأوضاع الاقتصادية في إيران، كشفت أن الأرقام التي تظهرها الأجهزة الرسمية تتعارض مع الواقع!
لقد شاهد العالم ذلك التطور الذي يريد أن يعلمه لنا النظام الإيراني، والذي بدا واضحاً في صورة معاناة الشعب التي تزداد يوماً بعد يوم، بسبب استمرار سياسات النظام الحاكم، والأوضاع المعيشية للمواطنين التي تشهد تراجعاً مستمراً منذ استيلاء نظام الملالي على الحكم بثورة 1979، وأنتجت السياسات الداخلية الرعناء أوضاعاً اقتصادية واجتماعية سيئة للغاية، كانت سبباً مباشراً في الأزمات التي توالت على الشعب الإيراني، في الوقت الذي تُخصص فيه معظم موارد الدولة للحرس الثوري وأجهزته السياسية، التي تدعم الحركات الإرهابية في أنحاء العالم!
reyami@emaratalyoum.com
twitter@samialreyami
لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .