افتح مشروعك في المريخ «3»
عاتبني صديق على المقالين السابقين، وقال لي إني أبسط موضوعاً معقداً ومتشعباً، وأتفق معه على هذه النقطة تحديداً. يقول الرجل، الذي يتبنى أفكاراً تقدمية في الأعمال التجارية، إن السوق متشبعة، ودعونا نسلم بوجهة نظره، لكن لا يعني هذا أننا سنظل مكتوفي الأيدي في ظل حالة التشبع.
التشبع يعني أن سوق المطاعم يشهد ازدهاراً شديداً، لكنه في الوقت نفسه يعكس أن معظم من يريدون تأسيس عمل تجاري يفكرون في الطعام فقط، لماذا؟ إجابة بسيطة هي أنهم يريدون بيع منتج يستهلك بشكل يومي وغير قابل للكساد، وهذا تفكير صحيح.
التشبع من جهة ثانية يعني عدم وجود توجيه للشباب يتعلق بنوع المشروع المطلوب تأسيسه، وما المشروعات التي ستخدم السوق أكثر، بكلمات أخرى التشبع يعكس نوعاً من العشوائية في ما يتعلق باختيارات الشباب لمشروعاتهم.
التشبع من جهة ثالثة هو الذي خلق ما يسمى «ترند»، أي أن الطعام والشراب موجودان في كل شوارع دبي، لكن الشخص يريد نوعاً من الترفيه في تجربته، فهو إما يريد تجربة غريبة تقود إلى مغامرة، أو يريد تقديم الطعام بشكل غير معهود حتى يصوره ويشارك في منصات التواصل الاجتماعي، وهذه الأخيرة أسهمت مباشرة في تعزيز عامل الـ«ترند».
التشبع يعني أيضاً أن الجميع يسارع في تكرار فكرة واحدة، هي فتح مطاعم أو مقاهٍ لطبقة المواطنين، أي أصحاب القدرة الشرائية الأقوى في الدولة، بينما لا يريد أحد الالتفات إلى الفئات الأخرى.
يقول الرجل، في رد على مقالي السابق، إن ما يجب على الجهات التنظيمية والمختصة فعله، هو تشكيل لجنة تدرس متطلبات التجمعات السكانية الناشئة والمتغيرة بفعل العامل الديموغرافي، وعلى اللجنة تحديد الأنشطة التجارية المطلوبة في كل تجمع. ويمكن لهذه المبادرة أن تحد من هدر أموال الشباب في مشروعات مكررة، وتوعيتهم أكثر بمتطلبات السوق.
هناك سبب إضافي لتفضيل الشباب دخول صناعة الطعام والشراب، هو أن المشروع غالباً في متناول اليد، وبالإمكان التحكم في الميزانية، ولا يتطلب دائماً ملايين الدراهم لتأسيسه كما يتطلب مشروع فتح معرض سيارات مثلاً.
نضيف عاملاً مشجعاً هو زيادة مساحات الاستئجار في دبي، على وجه الخصوص المستفيدة من عامل التوسع العمراني والتوسع في بناء المراكز التجارية رغم غلاء الإيجارات.
نقرّ بالتشبع ونقرّ بالمنافسة الشديدة في القطاع ونقرّ بالتكاليف العالية نسبياً لإنشاء المشروعات الجديدة في الإمارة، لكنّ لكل مشكلة حلاً، والحلول لن تأتي إلا بتضافر الجهود من الجهات التنظيمية والشباب معاً، للخروج بما يخدم الطرفين، واقتصاد الإمارة المستفيد الأول.
بالعربي: لو فكرت في أساليب لتلفت النظر إلى مشروعك العادي جداً، قد تنجح لكن لفترة بسيطة، لأن المستهلك واعٍ. ولو فكرت في مشروع متميز من دون لفت الانتباه فلن يرحمك عامل الـ«سوشيال ميديا» الذي أصبح بمثابة الحكم في هذه الصناعة اليوم. الحل أن توازن بين منتج جيد وحضور مميز على منصات التواصل، أما عامل التكلف فهو غامض وليس ضماناً للنجاح والدراسات أثبتت أن عادات المستهلك في الدولة لا تتغير بسرعة في المدى القصير.
معظم من يريدون تأسيس عمل تجاري يفكرون في الطعام فقط، لماذا؟ إجابة بسيطة هي أنهم يريدون بيع منتج يُستهلك بشكل يومي.
Abdulla.AlQamzi@emaratalyoum.com
لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .