الطبيب المواطن
نظرت إليَّ الطبيبة الإماراتية، وقالت بكل ثقة: «نحن المستقبل»، كان هذا رد طبيبة العيون في مستشفى خليفة، أثناء حديثي معها عن مستقبل الأطباء المواطنين في الدولة، أعجبتني تلك الثقة التي تحلت بها الطبيبة، ورغبتها الشديدة في تطوير قدراتها ومهاراتها في هذا التخصص، مثلها مثل العديد من المواطنين (الأطباء، والطبيبات)، الذين بدأنا نسمع ونقرأ عنهم كثيراً في الآونة الأخيرة.
عندما ننظر إلى حال الأطباء المواطنين في الدولة، وأخص بالذكر القطاع الحكومي، نجد حالة من التذمر في هذا الوسط، لعل أبرز نقطة تتمثل في الراتب الذي لا يتناسب مع طبيعة المهنة وسنوات الدراسة، فعلى سبيل المثال يعتبر راتب وزارة الصحة من الرواتب الأقل، مقارنة برواتب هيئة الصحة في أبوظبي ودبي، بل إن الفرق قد يصل إلى أكثر من الضعف، وهذا يخلق نوعاً من التذمر، وعدم التقدير لهذه المهنة الإنسانية العظيمة.
كذلك تأتي مشكلة البورد الطبي، حيث إنه رغم وجود عدد كبير من الأطباء، فإنه لا يوجد بورد إماراتي، وهذا ما يشتت جهد الطبيب الذي يضطر للالتحاق بالبورد العربي أو البريطاني، أضف إلى ذلك الدور الهامشي لجمعية الإمارات الطبية تجاه الطبيب المواطن، وينطبق عليها المثل المحلي: «لا تحل ولا تربط»، أي أنها حسب النظام الأساسي لا تملك أي صلاحيات تذكر.
كما أن هناك أطباء يعملون في كبرى الشركات الحكومية الوطنية، إلا أن العديد منهم يعانون التهميش وقلة الترقيات، وتتم معاملتهم بالمعاملة نفسها للأطباء الأجانب، بل إن الأطباء الأجانب يحصلون على مميزات كثيرة من ضمنها حضور المؤتمرات الخارجية والبدلات الإضافية التي قد لا تصرف للطبيب المواطن، كذلك نلاحظ أن بعض الأطباء يتم تكليفهم بأعباء إدارية إضافية، فيتشتت الطبيب بين العمل الإداري والطبي، وساعات العمل الطويلة.
الأطباء المواطنون ثروة من ثروات الوطن، والكثير منهم صاروا بارعين في التخصصات الطبية النادرة، وهذا ما يدعونا إلى الالتفاف حولهم، لمساعدتهم على تجاوز العوائق وتذليل الصعوبات التي يعانونها لتكون بيئة العمل محفزة لهم، وللجيل القادم الذي سيسعى جاهداً لإكمال هذه المسيرة، وبالطبع لن يتحقق ذلك إذا ظلت الجهات المسؤولة عن الأطباء، سواء كانت وزارة الصحة أو غيرها، تطبق مبدأ: «أذن من طين.. وأخرى من عجين».
الأطباء المواطنون ثروة من ثروات الوطن، والكثير منهم صاروا بارعين في التخصصات الطبية النادرة.
Emarat55@hotmail.com
Twitter: @almzoohi
لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .