لحظات البيانات
البحث عن الكنز
الكنوز المدفونة كانت ولاتزال من أكثر عناصر الإثارة في السينما العالمية وحتى في قصص الشعوب والروايات، وغالباً ما تنتهي القصّة بأحد أمرين، إما نهاية تقليدية سعيدة بأن ينجح الباحثون عن الكنز في استخراجه، وإما خيبة أمل بأن يبقى الكنز دفيناً بعد فشل العثور عليه لأن الخريطة لم تكشف مكانه. لكن ما لا تعرفونه أنه هناك كنزٌ حقيقي في الحياة الواقعية يعرف كثيرون مكانه غير أنهم حتى الآن لم يبادروا لاستخراجه.
هنا لا أتحدّث عن العملات الرقمية أو غيرها من التقنيات الطارئة، لكن مادة ننتجها يومياً ونتداولها منذ عصور دون أن يعلم كثيرون منّا أنها كنز! أتحدّث هنا عن البيانات الموزّعة بين الأفراد والمؤسسات الحكومية والخاصة، لكنّها غالباً بصورتها الخام أو الأولية التي لا تعطي قيمتها الحقيقية، فيكون السؤال من يمتلك خريطة الكنز؟
الحقيقة أنه ليس هناك خريطة واحدة لاستخراج كنز البيانات، غير أنه على كل دولة ومدينة الابتكار في تطوير نموذجها الخاص لتحقيق قيمة لا حدود لها سواء على مستوى الاقتصاد الوطني أو الفرص للأفراد ومؤسسات القطاع الخاص.
ولتقريب الصورة أذكركم بتقرير التأثير الاقتصادي لبيانات دبي الذي أصدرناه منتصف عام 2017، حيث يتوقع أن تؤدي عملية نشر وتبادل البيانات في القطاعين العام والخاص بدبي إلى زيادة في إجمالي القيمة المضافة بواقع 10.4 مليارات درهم سنوياً بحلول عام 2021. نعم 10 مليارات من مجرد نشر البيانات! وكلّي ثقة أن هذا الرقم حالياً أكثر بكثير نظراً للتطورات الكبيرة التي حققناها في مجال البيانات في دبي.
لكننا في دبي لا نقف عند حدّ معيّن من الإنجاز لأنّ المستقبل يتطلّب أن نقرأ احتياجات الغد منذ اليوم. التنقيب عن نفط المستقبل أو البحث عن كنز البيانات يتطلّب من الجميع حكومات وقطاعاً خاصاً إيجاد نموذج وبيئة ممكنة لـ(لامركزية البيانات)، وهو أمر لايزال حديثاً جداً، غير أننا في دبي الذكية قررنا أن نكون أوّل من يتخذ خطوة عملية فيه وأطلقنا مشروعاً اختبارياً للتعرّف إلى أفضل نموذج لفتح وتبادل البيانات بشكل متكامل بين الحكومة والقطاع الخاص والأفراد وفق أسس وسياسات واضحة تضمن للجميع تحقيق الارتقاء بالأداء والإنتاجية من جهة، وتحويل بياناتهم لقيمة مالية واستخراج كنز البيانات الدفين لعقود.
ولمعرفة أهمية البيانات للمدينة الذكية ومن يعيشون ويعملون فيها كأفراد ومؤسسات انظروا للبيانات باعتبارها الوقود والطاقة التي لن تعمل دونها السيارة، وبالتالي التقنيات كافة مثل الذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء لا قيمة لها دون وجود البيانات.
ليس هناك نُدرة في توقعات القيمة الاقتصادية للبيانات، حيث إن هناك دراسة أصدرتها «ماكنزي ديجيتال» أخيراً كشفت أن تقنية الذكاء الاصطناعي تطوّرت ست مرات أسرع نتيجة البيانات وتطبيقاتها، وأن قيمة سوق تطبيقات الذكاء الاصطناعي وحدها والمعتمدة على البيانات ستصل إلى 25 مليار دولار بحلول عام 2025.
دبي الذكية أطلقت مشروعاً اختبارياً للتعرّف إلى أفضل نموذج لفتح وتبادل البيانات.
مساعد المدير العام لـ«دبي الذكية» المدير التنفيذي لمؤسسة بيانات دبي