لحظات البيانات
لا مركزية البيانات
جميعنا يسمع كلمة «بيانات» بشكل متكرر على مدار السنوات الأخيرة، سواء كنّا متخصصين فيها أم لا، ولدى كل واحد منّا معنى معيّن لها يرتبط بتجاربنا الحياتية وطبيعة تخصصنا، لكن الوصف الأكثر جاذبية لها، ويستوقف الجميع، هو وصف البيانات بأنها «نفط المستقبل»، فذلك يستحوذ على الاهتمام فوراً، لأنه مُرتبطٌ بقيمة اقتصادية ومالية.
لكن البيانات حتى هذه اللحظة لاتزال في الغالب بصورتها الخام، ولم تتحوّل إلى النفط بعد، إلا أن الخبر السار هو أن نفط المستقبل (البيانات) لن يحتاج إلى ملايين السنين مثل النفط الأحفوري، ليتشكّل.
هناك اتجاهات ومدارس عدة تتعلق باستخراج القيمة الاقتصادية للبيانات، لكننا في دبي الذكية ومؤسسة بيانات دبي المعنية بهذا الملف، أردنا استكشاف فرص البيانات في عالم المستقبل، ولا نكتفي بمتطلبات وإمكانات الوقت الحاضر فقط، وأن نستثمر تقنيات الثورة الصناعية الرابعة، ولذلك، أطلقنا تقريراً عالمياً هو الأوّل من نوعه حول «لا مركزية البيانات»، التي لاتزال أكثر مدن العالم تقدماً تنظر إليها بحذر وترقّب، وعرضنا في هذا التقرير كيف أن تحقيق لامركزية البيانات سيمكّن العالم من بلوغ الاستفادة القصوى للذكاء الاصطناعي، ويُوجِد فرصاً واقتصادات موازية جديدة.
وقبل الخوض في تفاصيل «لامركزية البيانات» التي نسعى لاستكشافها وتطبيقها في دبي، أود أن نتفق على أن «المركزية» و«اللا مركزية» قديمة قدم البشرية، وتطورّت مع تطوّر العلوم، وموجودة بمختلف مجالات حياتنا وأبسط صورها على مستوى الأسرة، عندما يكون الزوج مسؤولاً عن كل شؤون الأسرة (مركزية) أو يفوّض جانباً من مسؤولياته للزوجة أو الأبناء (لا مركزية)، ومروراً بالعمل الخاص، ووصولاً للعمل الحكومي وحتى الدول ككل. ولا يجوز القول إن أحد الخيارين صالح طوال الوقت، بل يجب أن تكون هناك عملية تقييم مستمرة لفعالية النموذج المطبّق.
«لا مركزية البيانات» منصّة رقمية وشبكة تربط بين مالكي البيانات، أو مزوديها، وبين المهتمين بها ومستهلكيها، ولكن ليس أي بيانات، بل البيانات القيّمة ذات القيمة النقدية.
وتتيح هذه المنصة للمبرمجين والمطورين الوصول إلى البيانات لبناء خدمات، ولهذه الشبكة مميزات هي أنها تتيح نقل وتبادل البيانات بشكل آمن فعّال، وتتيح تسييل البيانات (منحها قيمة مالية)، وبناء نماذج أعمال للبيانات تناسب احتياجات القطاعين العام والخاص، والأفراد كذلك.
ومن أهم مميزات هذه المنصة أنها توازن بين الحاجة للتحكّم المركزي للجهات ببياناتها، وفي الوقت ذاته تُسهّل تبادل وسيولة البيانات، ولأن نجاح اللامركزية يتوقّف على الثقة واطمئنان أصحاب البيانات، فإنه لابد أن تضمن المنصّة منح قدرة التحكّم لمالكي البيانات بمقدار وحجم البيانات التي يقررون مشاركتها، وتتيح لهم كذلك اختيار مع من يشاركونها.
«لا مركزية البيانات» منصّة رقمية وشبكة تربط بين مالكي البيانات والمهتمين بها.
لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .
مساعد المدير العام لـ«دبي الذكية» المدير التنفيذي لمؤسسة بيانات دبي