فضاء البيانات
منذ ولادة البشرية وحتى اليوم، هناك حقيقة لا يختلف عليها اثنان، وهي أن نقل المعرفة والمعلومات من جيل إلى جيل وعبر الحضارات، هو ما أتاح للإنسان والمجتمعات التطوّر والبناء على ما حققه السابقون.
في لحظات البيانات هذا الأسبوع أردت أن أعود بالزمن إلى التعريف الأقدم للبيانات، وهو: أي معلومة يمكن نقلها بصورة أو رموز، لكن قبل الدخول في التفاصيل أردت أن أسألكم هل تذكرون اللحظة التي جاء بها أحد أبنائكم بصورة رسمها هو أو رسمتها هي لينقلوا لكم شعور محبّة أو شكراً أو أي رسالة أخرى؟
بالنسبة لي الرسوم الطفولية كانت حواراً طويلاً تختصره لحظات عديدة مع أبنائي، يفاجئونني بصور عديدة عن لحظات حياتهم، وأعادني ذلك إلى طبيعة لغات الحضارات القديمة مثل الهيروغليفية (اللغة المصرية القديمة) التي نجح مبتكروها ولغات أخرى في جعل الصورة رمزاً يحمل بيانات حياتهم عبر العصور حتى يومنا هذا.
صور على جدران الحضارات القديمة بنينا عليها الكثير وأوصلت إلينا اكتشافات وحقائق، وصورة مهيبة للمغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان مع فريق «ناسا» جعلتنا نعيش جذور إنجاز هزاع المنصوري الذي تحقق على يديه ويد زملائه طموح الوالد المؤسس كأول رائد فضاء إماراتي، ووصلت هذه الصورة المستقبل بالماضي.
لا شيء يماثل شعور الوطن بإنجاز الفضاء الذي نجح بفضل الحرص على تحقيق رؤية بدأت باجتماع تاريخي وثّقته صورة وتحوّل لمؤسسات واستراتيجيات إلى أن نجحنا بجدارة في اختراق الفضاء.
ومن هذا الإنجاز أريد أن أنظر للبيانات وما تحمله من فرص للإنسان بأنها فضاء ينتظر منّا الاستكشاف، لقد بدأنا رحلة البيانات عبر منصة مثل «دبي بالس» والاستراتيجيات والسياسات التي وضعناها مدعمة بالرغبة الحقيقة من جميع الشركاء مؤسسات حكومية وخاصة على المشاركة.
الفضاء كانت تفصلنا عنه مسافات طويلة ومتطلبات وإمكانات ضخمة يتوجّب توفيرها، والأهم رسائل من كثيرين بأنه حلم صعب المنال أو مستحيل لدولة عربية، ورغم ذلك نجحنا برؤية قيادتنا وكفاءة المواطن. أمّا البيانات فهي فضاء بين أيدينا ولا يفصلنا عنه سوى أن يلتحق الجميع بالمبادرة الأكثر طموحاً وشمولية لفتح ومشاركة البيانات لنصل إلى فرص لا حصر لها تفوق كل ما تخيلناه يوماً.
فكل إنجاز تحقق يوماً في الإمارات يمكننا بتحليل بياناته وربطها ببيانات الساعة قابل أن يكون إنجازاً لم يسبقنا إليه أحد.
مساعد المدير العام لـ«دبي الذكية» المدير التنفيذي لمؤسسة بيانات دبي
لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .
«كل إنجاز تحقق في الإمارات يمكننا بتحليل بياناته وربطها ببيانات الساعة أن يكون إنجازاً لم يسبقنا إليه أحد».