5 دقائق
ما يعجبك شيء
تصلني رسائل من بعض المتابعين، بين الحين والآخر، كما تصل إلى عدد من الزملاء، تتلخص في جملة: «أنت ما يعجبك شيء»، وتعليقات أخرى، مثل: «أنت سلبي وتبحث عن الخطأ لتكتب عنه»، أو كما يقال: «تبحث عن جنازة لتشبع لطم فيها».
أتأمل تلك الرسائل جيداً، وأفكر هل حقاً أنا وغيري نبحث عن السلبيات لنشفي غليلنا، ولماذا عندما يمارس الكاتب واجبه في النقد لتحسين الخدمات أو للتطرق إلى ظواهر سلبية يعتبر إنساناً سلبياً وباحثاً عن الإثارة والمشكلات؟ ولِمَ يعتبر البعض النقد الاجتماعي أمراً مرفوضاً وغير مقبول أو تشويهاً للحقائق؟
أتذكر مقولة الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم: «المجاملة على حساب الوطن ليست من الوطنية»، وهذا يعني أنه ليس هناك مجال للمجاملة، لا يمكن أن نردد أن الوضع في جهة معينة «عال العال»، بينما في الحقيقة الوضع فيها لا يطاق، ويمارس فيها أبشع أنواع الضغط النفسي على الموظفين المواطنين، وحتى عندما نشاهد الظواهر الاجتماعية الشاذة عن العادات والتقاليد والقيم، يستكثر علينا البعض استنكارها والتصدي لها.
ليس من المنطقي أن نتجاهل ما نسمعه، ونراه، من شكاوى المواطنين في وسائل التواصل الاجتماعي والإذاعات، وغيرها، على عدد من الجهات، لنضحك على أنفسنا ونعتبر أن «الأمور في الروب»، ولا يعلى عليها، ومن غير الضروري على الكاتب وغيره أن يثني ويشكر في الطالع والنازل ليقال عنه إنه شخص إيجابي ينظر للحياة نظرة تفاؤلية.
المسؤولية المجتمعية والأدبية تحتم علينا مناقشة قضايا المجتمع، وأن نكون مرآة لما يحدث، نشيد عندما تكون هناك ضرورة للإشادة أو ما يستحق أن يُثنى عليه، وننتقد بطريقة موضوعية دون أي تحامل شخصي، طالما أن الهدف من ذلك المصلحة العامة، ولا شيء آخر.
لا غبار ولا خلاف على التقدم والتطور والتحضر، التي نعيشها في دولة الإمارات، ولا يختلف اثنان على النعمة التي نعيشها. من ناحية أخرى، لا تُبنى الأوطان بتجاهل السلبيات، ولا تتقدم الشعوب بالسكوت عن الأخطاء، وإن كان هناك من يكتب عن الإنجازات، فلابدَّ أن يكون في الطرف المقابل من يضع يده على الجرح، حتى لا يلتهب ويحتاج إلى البتر، ويصبح في خبر كان.
• ليس من المنطقي أن نتجاهل ما نسمعه، ونراه، من شكاوى المواطنين.
Emarat55@hotmail.com
Twitter: @almzoohi
لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه.