أنسنة المدن

احتفل العالم يوم 31 أكتوبر باليوم العالمي للمدن، وهذا اليوم حددته الأمم المتحدة منذ عام 2013، وتعتبر الأيام الدولية والاحتفال بها بمثابة فرصة لتثقيف الناس حول موضوعات معينة تهم العالم، وبالطبع فموضوع المدن من الموضوعات المهمة للغاية، حيث يعيش في المدن 55% من تعداد سكان العالم، وسترتفع النسبة في عام 2030 إلى 60%، حيث سيواجه سكان المدن تحديات وصعوبات أكثر مما يواجهها سكان المناطق الأخرى، ويزيد من صعوبة تلك الحياة أن ثلث مدن العالم سيزيد عدد سكانها على 500 ألف نسمة، وقد كان موضوع احتفال هذا العام لليوم العالمي للمدن هو «تغيير العالم.. ابتكارات وحياة أفضل للأجيال القادمة»، ولكنّ هناك تحدياً أكبر ربما لا ندركه الآن، وسنعاني منه بعد عقد من الزمن إذا لم نعمل من الآن على هذا الملف.

التحدي الأكبر هو الاندماج والسباق المحموم نحو التكنولوجيا وتطبيقات الذكاء الاصطناعي، وما تتطلبه الثورة الصناعية الرابعة دون تعلم ودون مراعاة البعد الإنساني، إذا لم يتم الاهتمام بالإنسان قبل الآلة فسنحتاج إلى ميزانيات لا طاقة لنا بها، وإمكانات مهولة حتى نسترجع الإنسان، سنحتاج إلى أنسنة المدن وأنسنة الأعمال وأنسنة كل الأنظمة، بل وأنسنة الإنسان نفسه، واستعادته لطبيعته البشرية، والتوقف عن التعامل معه كآلة هو الآخر. ويمكن تلخيص مفهوم أنسنة المدن في التركيز على البعد الإنساني في تصميم الطرق والحدائق والأماكن العامة، حيث يجد الإنسان مساحات خضراء كافية، وكذلك مساحات وممرات للتريض والتنزه، مع سهولة وانسياب الحركة دون عوائق، وتذليل التحرك لذوي الهمم، وكذلك مراعاة الجوانب الجمالية والفنون التي تمارس في الأماكن العامة، مثل فن تزيين الأعمدة الكهربائية والمرافق العامة، الذي تبرع فيه بعض المدن.

حتى يتمكن الإنسان من الإبداع، ويبعد عن التوتر والاكتئاب، يحتاج إلى أن يعيش في بيئة مصممة له، سواء في مكان العمل أو مكان المعيشة، يحتاج الإنسان إلى بيئة تصلح للإنسان وليس فقط للروبوتات، ولقد بدأت بعض الدول العربية في التحرك نحو تطبيق تلك المفاهيم، ومنها مصر، والمملكة العربية السعودية، والإمارات العربية المتحدة، والمملكة المغربية، وقد عُقد المؤتمر الأول لأنسنة المدن بالمدينة المنورة عام 2018، ومن المفيد والمهم أن تستمر تلك المبادرات، وتترجم إلى مشروعات وفعاليات، كما يحتاج الأمر إلى تضافر الجهود، وتكامل السياسات بين البلديات وجهات تخطيط المدن والمجالس العمرانية وكليات الهندسة والتخطيط الحضري، ولدينا في العالم العربي الكفاءات البشرية والمالية، لكننا بحاجة لسياسات وقوانين ملزمة، ومؤشرات أداء مقترنة بخطط زمنية، كما نحتاج إلى الكثير من التوعية والتعلم من التجارب.

التحدي الأكبر هو الاندماج والسباق المحموم نحوالتكنولوجيا وتطبيقات الذكاء الاصطناعي.

@Alaa_Garad

Garad@alaagarad.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

الأكثر مشاركة