5 دقائق
ساق وشفايف
بين فترة وأخرى تخرج أمور عن المألوف، وليت الخروج عنها بفكرة جديدة أو إبداع، إنما الماء غالب على الطحين، فلا يخرج غالباً إلا الشاذ والمثير للغثيان.
خلال الفترة الأخيرة صارت تصرفات البعض مثيرة للجدل، أحدهم أعلن عن جائزة عبارة عن أسورة ذهبية للساق، وطلب من المتابعات إرسال صور السيقان ليختار منها الأجمل لتنال الجائزة، فكانت النتيجة استقبال أكثر من 1000 صورة، ولكن صاحب الفكرة وجد نفسه في ضيافة مركز الشرطة في دولة الكويت، بعد اعتبار أن ما قام به يمس الآداب العامة.
هنا في الإمارات تفاجأ المتابعون بإعلان مقزز ومستفز لإحدى عيادات التجميل، يتعارض مع العادات والقيم في الدولة، يظهر فيه شاب يتوجه إلى العيادة لنفخ شفاهه الحمراء بطريقة لم نعهدها، وغير مقبولة في مجتمعنا، ما استدعى اعتذار العيادة، وخضوع الطبيبة للتحقيق.
أخيراً صرنا نشاهد بعض الشباب يتسكعون بكل جرأة بالشفاه المنفوخة، ولا عيب في أن يضعوا مساحيق التجميل، يتلاعبون بحواجبهم، فلم نعد نفرّق بينهم وبين النساء إلا من خلال الملابس، ينشرون الفيديوهات دون أدنى خجل، يتحججون بأنها حرية شخصية، ودع الخلق للخالق، فتكون النتيجة تقليداً لمثل هذه العينات، وتزايداً مخيفاً لأعداد هؤلاء الذين لم نعد نعرف هل من الرجال أم من النساء، ولو أعطيت الحرية كاملة لهم فلا أعتقد أن البعض منهم سيتوانى عن ارتداء الملابس النسائية، غير آبهين بأي شيء.
عجلة الحياة تتسارع بشكل كبير، فلم يعد العالم كبيراً كما عهدناه، بل أصبح صغيراً جداً، تلتقي فيه الحضارات، نشاهد فيه الخير والشر في مشاهدات يومية لا تتوقف، لا نستطيع السيطرة فيه على ما يدور من حولنا، ولا التحكم في ما يصلنا ويوجه إلينا، وهنا يأتي دور الأسرة في تنشئة الطفل، ودور الأهل في متابعة المراهقين، ومسؤولية المجتمع في التصدي للظواهر الدخيلة التي لا تتوافق مع الدين والعادات والتقاليد.
إحدى أكبر مصائبنا في هذا الزمان تنامي ثقافة «عادي، وحرية شخصية»، فصار مجرد الحديث واستنكار الظواهر والمشاهد الشاذة تدخلاً في الحرية الشخصية، وبات الكثير يتباهون بما يفعلونه، وصار المواطن الخائف على المجتمع مذنباً ومتخلفاً، يفتقد لأدنى درجات التسامح!
ختاماً، لا يوجد شخص عاقل مع تقييد الحريات، ولا التسلط على رقاب الآخرين، إنما هناك خطوط حمراء لا يمكن تجاوزها. يقول فكتور هوغو: «الحرية هي الحياة، ولكن لا حرية بلا فضيلة».
• «نشاهد بعض الشباب يتسكعون بكل جرأة بالشفاه المنفوخة».
Emarat55@hotmail.com
Twitter: @almzoohi
لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه.