تجدد وتعدد ذكريات المجد
تتجدد ذكريات مجد دولة الإمارات العربية المتحدة وتتعدد؛ من رفع العلم، إلى يوم الشهيد، إلى اليوم الوطني، وما بين ذلك من وقفات تاريخية عظيمة، تقتضي من كل أحد من هذا الشعب خصوصاً، والشعوب التائقة للحضارة والمجد عموماً، أن يجعل من هذه الذكريات قبَساً لحياته، فيَسعد بها ويُسعد الآخرين، وكلما تجددت هذه الذكريات ازدادت مكانة دولة الإمارات لديه، فيزداد لله شكراً على هذا الفضل المبين، وما أجمل أن يُذكر في تجدد هذه الذكريات قول الشاعر القديم مهيار الديلمي:
- اليوم الوطني هو يوم تجديد الولاء، وترسيخ البناء، والإشادة بالآباء، والاعتزاز بالإنجازات، والتخطيط للمستقبل. |
أعدْ ذكر نَعمانَ أعدْ إنَّ ذكره* هو المسك ما كررتهُ يتضوَّعُ
إن الأمم تحتفي بذكريات النصر الذي تحقق لها على عدو داخلي أو خارجي، فحقق لها الاستقرار أو بناء نظام جديد فتجعلها مناسبة قومية لها، وكلما عادت ذكراها استعرضت قوتها وعددت إنجازاتها، لتثبت دعائم حكمها وتسترضي شعوبها.
إلا أن دولة الإمارات العربية لها تميز خاص في مناسباتها الوطنية يجعلها فريدة في العالم؛ فيومها الوطني لم يكن نصراً على عدو في ميادين القتال، وإنما كان نصراً على الانتقال من حياة بسيطة إلى إنشاء دولة مكونة من إمارات متصالحة، متقاربة متداخلة، فاجتمعت على كيان واحد لتبني حضارة فائقة السرعة عديمة النظير، وتوطِّد اللُّحمة، وتعزز القوة، وتمدُّ يدَ العون للقريب والبعيد، فإذا ما جاء الثاني من ديسمبر لابد أن يكون له شأن كبير عند شعب دولة الإمارات العربية المتحدة، فيتذكر ذلكم الماضي البسيط، فيحمد الله على الحاضر المزدهر المنقطع النظير، ويتذكر المؤسسين الذين رفعوا راية الاتحاد خفاقة، ووحدوا الصف، وجمعوا الرأي على الاتحاد القوي الناهض، ويستشعر الفخر والعز الذي وصلت إليه الدولة والشعب، فيزدادَ حمداً لله وشكراً على هذه النعم، لاسيما مع النظر إلى الشعوب والأمم التي تتمزق وتحترق وتعمها الفوضى والتخلف.
إن ذكرى اليوم الوطني للدولة هي في الحقيقة فرحة غامرة بنعمة ما من الله تعالى علينا بشيوخ هم أحب إلينا من كل شيء لدينا، وبنعمة الاتحاد الذي اشتد عوده، وقويت شكيمته، وبنعمة السعادة التي عز نظيرها في أي دولة في العالم، وبنعمة العز الذي اكتسبه الإماراتي أينما كان، وبنعمة الحضارة والتطور الذي لا يوجد له مثيل، وبنعمة القوة التي أصبحت مضرب المثل بين قوى العالم، وبنعمة الصيت الكبير لهذه الدولة وشعبها، فأصبح يضرب المشارق والمغارب كأنموذج عصري فريد في تسامحه وأمنه وعدالته وتطوره ورقي شعبه.. فإذا تجددت ذكرى هذه المناسبة التي تعد من أيام الله التي امتن بها على هذا الشعب بالاتحاد والائتلاف، فكان تجسيداً واقعياً لهدي القرآن الكريم: ﴿وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا﴾، فاعتصم شيوخ هذه الأمة بحبل الله تعالى، وتحت قيادة الباني المؤسس الشيخ زايد بن سلطان، طيب الله ثراه، فكان الاجتماع الذي يحبه الله ورسوله، صلى الله وسلم عليه وسلم، والمؤمنون، وكانت الألفة التي هي شعار المؤمنين، وكان الإخاء الذي هو ديدن الصادقين، فكان يوماً من أيام لله الذي بسط فيه نعمته على هذه الأرض الطيبة وأهلها الأكارم، فحقُّه أن يكون يوماً مشهوداً بما يليق به، وأن تذكر فيه الفضائل للشيوخ المؤسسين، فيُثنى عليهم بما هم له أهل، وهم به أجدر.
إن اليوم الوطني هو يوم تجديد الولاء، وترسيخ البناء، والإشادة بالآباء، والاعتزاز بالإنجازات، والتخطيط للمستقبل بما يضمن المزيد من التطور والرقي، وهو يوم تجديد العهد على الوفاء للشيوخ المؤسسين بالسير على منهجهم في الاتحاد القوي، والولاء الكامل للقيادة، والبناء المطرد، والتسامح الراقي، والتعاون البنَّاء مع القريب والبعيد على الحق والخير، والنظر إلى الغد الواعد بالتفاؤل والأمل والعمل، وبذلك ستظل دولة الإمارات العربية المتحدة عزيزة شامخة بعز وشموخ رئيس الدولة الشيخ خليفة بن زايد، حفظه الله، وإخوانه الحكام، وولاة عهودهم الكرام.
دام عزك أيها الدولة العظيمة، ودام خيرك وذكرك.
«كبير مفتين مدير إدارة الإفتاء في دبي»
لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .