حماية المستقبل بالبيانات
اختتمت دولتنا مشاركة مشرّفة أخرى في المنتدى الاقتصادي العالمي بدافوس. ومن أصداء هذه المشاركة «مبادرة المبرمج العالمي» التي لاقت استحساناً وإشادة عالميين، نظراً لارتباطها بموضوع من موضوعات الساعة في الملف الرقمي، وهو مستقبل المِهَن أو الوظائف.
المبادرة ليست الأولى من نوعها لدولتنا، بل واحدة من سلسلة مبادرات اعتاد عليها العالم منذ تأسيس الإمارات حتى الآن، لكني وجدت المبادرة مناسبة للحديث عن قضية أصبحت ملازمة لأي حديث عن تقنيات جديدة، وهي استحواذ التقنية على وظائف البشر، وما الذي يمكن أن يقوم به الشخص؟ وليست مصادفة أن البيانات تعتبر لاعباً رئيساً في المستقبل الوظيفي للإنسان.
نُدرة الكفاءات في المجالات التقنية ليست أمراً حديثاً، لكنّه ملازم لتطور حياة البشر، فمع كلّ تطوّر في أسلوب الحياة، تحدث فجوة مرحلية في المهارات بين ما يحتاجه سوق العمل، وما تُخرجه الجامعات، وفي «لحظات البيانات» أردت إطلاعكم على إحصائيتين تمسان المستقبل المهني للجميع سواء من العاملين حالياً، أو الشريحة الأهم في بناء المستقبل، وهي الكوادر القائمة على التعليم من أساتذة جامعات، وأبنائنا، والشباب عموماً، لتهيئتهم لسوق العمل المستقبلي.
الإحصائية الأولى هي تقرير اتجاهات تنمية القدرات في بيئة العمل لعام 2020 الصادر عن «يوديمي» udemy، إحدى أبرز منصات التدريب والتعليم عبر الإنترنت، والإحصائية الثانية تقرير صادر عن معهد «مكنزي وكومباني» بعنوان: «وظائف فقدت وأخرى اكتُسبت: ماذا يعني المستقبل للوظائف والمهارات والأجور؟».
في التقرير الأوّل نستخلص أن أسلوب التفكير النمائي المبني على الرغبة الدائمة في التعلّم وتطوير القدرات هو ما سيزيد جاذبية الإنسان لشغل وظائف المستقبل بدءاً بـ2020، وفي التقرير الثاني يحذّر معهد «مكنزي» من أن 800 مليون وظيفة قابلة للفقدان بحلول عام 2030، وأن 30% من ساعات العمل في العالم اليوم، ستكون قابلة للأتمتة، أي أن تحل التقنية محل الإنسان فيها.
وفي هذين التقريرين أو غيرهما الكثير الذي يتنبأ باتجاهات المستقبل، نجد أن البيانات والذكاء الاصطناعي، والتفكير النقدي، والذكاء العاطفي، والإبداع والقيادة، والقدرة على صياغة القصص لتعكس التجارب، وذكاء الثقافات المتعددة، وإتقان مهارة التركيز، كلّها مزيج من المهارات الضرورية للقدرة على المنافسة مهنياً للمستقبل ابتداءً من الآن.
وهو ما جعلنا في دائرة دبي الذكية، منذ اللحظات الأولى، أن نعتبر بناء القدرات هدفاً استراتيجياً، وضمنها استحدثنا برامج لعلوم البيانات، بالشراكة مع جهات أكاديمية عدة من نوعين لصقل مهارات فرق البيانات الحالية مثل برنامج أبطال البيانات، وصولاً إلى استحداث أوّل برنامج ماجستير في علوم البيانات من نوعه في العالم في سبتمبر 2018، بالتعاون مع جامعة «روشستر» للتكنولوجيا، وغيرها من المبادرات الشبيهة، ومنها أيضاً توظيف علوم البيانات لدراسة سوق العمل الحالية، وتوظيف المخرجات في إكساب مهارات المستقبل.
مبادرة المبرمج العالمي والتقارير العالمية، هي إنذار مبكّر بتحديات المستقبل، لكنّها طريق واضح لما يتطلبه الفوز بالفرص الثريّة التي يحملها المستقبل لنا، وهو ما أدعو من خلال «لحظات البيانات» لاغتنامه، بتسليح أنفسنا وأبنائنا بالمهارات التي ذكرتها.
لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه
مساعد المدير العام لـ «دبي الذكية» المدير التنفيذي لمؤسسة بيانات دبي
«دبي الذكية» تعتبر بناء القدرات هدفاً استراتيجياً.