الأخلاقيات سيّدة الأحكام

مرّ عامٌ تقريباً منذ إطلاقنا «مبادئ وإرشادات أخلاقيات الذكاء الاصطناعي» في يناير 2019، والتي أردنا عبرها تنظيم العلاقة بين الإنسان المستهلك لتقنيات وتطبيقات الذكاء الاصطناعي وهذه التقنيات من جهة، وتنظيم وضبط عملية برمجتها وتصنيعها والأفراد والمؤسسات القائمين على تصميم وإنتاج تطبيقات الذكاء الاصطناعي.

- حوكمة التقنية والبيانات في دبي، كانت ولاتزال دعامة استراتيجية بآلية عمل دبي الذكية.

طبعاً لحظة إطلاقنا لها كانت المخاوف المرتبطة بالذكاء الاصطناعي لاتزال افتراضية بالنسبة لكثيرين وربما حتى الآن، لكنّها اليوم أصبحت ضرورة أكثر إلحاحاً ولكن لماذا؟ وما علاقتها المباشرة بالبيانات؟

إن أردنا أن نلمس التغيّر في موقف العالم من موضوع ما ستكون وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي المساحة الأولى التي يطفو عليها هذا التغيير وهو ما ينطبق على الذكاء الاصطناعي، منها خبر أخيراً كان عنوانه «فنان ألماني يخدع خرائط غوغل» وملخّص الخبر أن فناناً ألمانياً اسمه سايمون ويكرت استخدم 99 هاتفاً متحركاً متصلة بتطبيق «خرائط غوغل»، لإيهام منصّة «غوغل» بأن إحدى مناطق برلين مليئة بحركة المرور البطيئة، رغم أن الشوارع كانت خالية، وظهر هو في صورة نشرتها وسائل الإعلام يجر عربة صغيرة تحمل الهواتف، والشارع خالٍ تماماً.

ما قام به هذا الفنان هو التلاعب قصداً، لغرض إثبات وجهة نظره بأن منصّة «غوغل» كانت رهينة لبيانات الهواتف وطريقة استخدامه لها. طبعاً هذا تدخّل يمكن وصفه بالحميد في نوعية البيانات التي تتم تغذية التقنية بها والقرارات الناجمة عنها، لكن ما حصل في هذه التجربة البسيطة يمكن أن يكون مُضرّاً في حالة غياب مبادئ وأخلاقيات تضبط توظيف التقنيات أكثر فأكثر في تجارب حياتية.

البيانات في حياتنا مستمرة في التدفّق، وبعضها طوعي تبثّه الأجهزة التي نستخدمها يومياً مثل الهواتف الذكية، وأخرى بيانات يتم تصنيفها وتغذية المنصات بها بشكل ممنهج قائم على تدخّل وقرارات الإنسان المؤتمن على ذلك، لذا نحن اليوم بأمسِّ الحاجة لتعزيز تطبيق حوكمة التقنية وحوكمة البيانات أكثر من أي وقت مضى.

في دبي كانت ولاتزال حوكمة التقنية والبيانات دعامة استراتيجية في آلية عمل دبي الذكية، والضوابط الأخلاقية لاستخدام البيانات في العمل الحكومي يضبطها قانون بيانات دبي وسياسات البيانات. وعلى مستوى القطاع الخاص وضعنا استراتيجية وأطلقنا المبادئ والإرشادات والأخلاقيات ورغم أنها توجيهية غير ملزمة عالمياً بعد، فإن الأرقام ومستوى التفاعل معها على مواقعنا يُخبرنا بأن الاهتمام بها في ازدياد. ووسائل الإعلام والأخبار التي تتناقلها عن التقنيات وإساءة استخدامها تجعل الأخلاقيات التقنية سيدة الأحكام، كما هي في تعاملات البشر.

مساعد المدير العام لـ«دبي الذكية» المدير التنفيذي لمؤسسة بيانات دبي

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

الأكثر مشاركة