5 دقائق
إن حبتك عيني!
كل موظف معرّض لارتكاب الأخطاء، قد يكون الخطأ صغيراً يمكن تجاوزه، وقد يكون خطأً كبيراً من الصعب التغاضي عنه، لذلك وضعت القوانين لتنظيم هذه المسألة، واتخاذ العقوبات المناسبة بحق أي موظف، إنما هناك نوعية تعتقد أن اتخاذ أقصى عقوبة هو الحل الأمثل لأي خطأ يحدث في المؤسسة، وأن اتخاذ مثل هذه القرارات سيؤدي إلى النتيجة المبهرة والمثالية للنجاح.
- نحتاج في كثير من الأحيان إلى أن نكون رحيمين ببعضنا بعضاً، نقدّر ظروف غيرنا عندما يكون باستطاعتنا ذلك. |
مديرة فرع أحد البنوك الوطنية أقدمت على خطأ بحسن نية، فكانت النتيجة استدعاءها والتحقيق معها، لجنة التحقيق رأت أنها مذنبة، وقد اعترفت المديرة بذلك، فتم رفع نتيجة التحقيق إلى المدير التنفيذي المواطن، الذي اتخذ قراره بفصلها نهائياً من البنك.
كان يمكن للمدير التنفيذي اتخاذ إجراءات أخف بحق مديرة الفرع بدلاً من عقوبة الفصل النهائي، من ضمنها توجيه إنذار نهائي، أو تنزيل درجتها إلى درجة أقل، إلا أنه رأى أن القرار الصائب يتمثل في إنهاء خدماتها، متناسياً سنوات الخدمة الطويلة لمديرة الفرع، وكأنه يبحث عن كبش فداء، في إطار التخلص من الموظفين الذي يمارسه هذا البنك وغيره تجاه المواطنين على وجه الخصوص.
تدعونا مثل هذه القرارات إلى التفكير والتأمل في كيف يتخذ البعض قرارات مصيرية، من شأنها هدم البيوت، والتعسير على خلق الله، وكيف أن هناك نوعية من المسؤولين لا يتعاملون بروح القانون بقدر ما يتفننون في اتخاذ أقسى العقوبات بحق غيرهم، دون أدنى مراعاة لحياتهم الاجتماعية وظروفهم المادية.
هناك الكثير من المؤسسات باتت بيئة طاردة ومنفرة للمواطن، بل أصبح البعض منها مثل الرادار، لا يتوانى عن اتخاذ أي خطأ مبرراً لفصل الموظف من وظيفته، ليتسنى للمسؤولين فيها تعيين أقارب المطبلين لهم، ومن يجدون مصالح مشتركة معهم في المؤسسة نفسها، وعلى مبدأ «إن حبتك عيني ما ضامك الدهر»، فإن وضعهم مختلف نهائياً عن أي موظف آخر، ولو ارتكبوا أكثر الأخطاء شناعةً.
نحتاج في كثير من الأحيان إلى أن نكون رحيمين ببعضنا بعضاً، نقدّر ظروف غيرنا عندما يكون باستطاعتنا ذلك، ودون أن نتعدى على القوانين. يقول الكاتب الكبير، الدكتور مصطفى محمود: «الرحمة أعمق من الحب، وأصفى وأطهر، فيها الحب، وفيها التضحية، وفيها إنكار الذات، وفيها التسامح، وفيها العطف، وفيها العفو، وفيها الكرم، وكلنا قادرون على الحب، وقليل منا القادرون على الرحمة».
Emarat55@hotmail.com
Twitter: @almzoohi
لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه.