أفضل أساليب التوعية
فرض كورونا المستجد (كوفيد 19) نفسه على العالم وأصبح حديث الساعة، ولم تستهن دولة في العالم باتخاذ إجراءات احترازية لاحتوائه أو منعه. كورونا تحدٍّ جديد يضاف إلى التحديات التي تواجه العالم، وهو ليس أول وباء ينتشر ولن يكون الأخير، سبقته مئات الفيروسات والأوبئة، وستأتي بعده أخرى.
هذه سنة من سنن الله الكونية، وأحد أسراره في هذا العالم الذي نعيش فيه منذ آلاف السنين، ولايزال يخبئ عنا الكثير. يخاف الإنسان من أي شيء لا يعرفه، وكورونا المستجد يشبه بعض الفيروسات التي سبقته شكلاً، حيث إنه فيروس تاجي الشكل لكن أعراضه أقوى، وسريع الانتشار بشكل يدعو للدهشة، ويسبب ضيقاً في التنفس بشكل يدعو للقلق، لكنه ليس قاتلاً بالضرورة إلا لكبار السن الذين يعانون أمراضاً مزمنة، ويمكن للجهاز المناعي البشري أن يقضي عليه.
لكن هل معنى ذلك التهاون في التعامل معه، وأن نرقص ونغني ونهرج لصنع رسالة توعوية تدعو إلى عدم الخوف منه؟ التهريج لا يوصل أي رسالة توعوية في أوقات الأزمات العالمية، لأنه بشكل عام لا يؤخذ بجد من قبل الجمهور حتى لو كانت نية صانعه سليمة.
التهريج ليس أسلوباً للتعامل مع مخلوق ذكي، واعٍ، ونبيه وسريع التعلم كالطفل أو الصبي أو حتى المراهق. أفضل طريقة لإيصال المعلومة للطفل هي التجربة العلمية العملية، وسأتحدث عن مثال في فيديو لتجربة تجريها معلمة أطفال أميركية، بوضع إناءين: الأول يحوي ماء، ورقائق فلفل، والثاني به صابون.
يضع الطفل إصبعه في الإناء الأول فلا يحدث شيء، وعندما يضعه في الصابون ثم في إناء الماء والفلفل يحدث فراغ بابتعاد رقائق الفلفل الصغيرة عن الإصبع، وبهذه التجربة البسيطة والذكية تشدد المعلمة على أهمية غسل اليدين بالماء والصابون لمكافحة الفيروسات.
بالنسبة للكبار، الأفضل فيديو «تشوف البكتريا؟» من وزارة الصحة السعودية عن الفرق بين غسل اليدين بالماء فقط ثم بالماء والصابون ثم بالمعقم، والطريقة الثانية والثالثة أفضل من الأولى، ويعرض الفيديو صوراً مجهرية للجراثيم قبل وبعد استخدام كل طريقة، وهذه أفضل طريقة لإيصال المعلومة للكبار.
في الصين وسنغافورة، يستخدمون أسلوب الصدمة لفرض التوعية على الجمهور، وبالتالي تغيير أسلوب الحياة مؤقتاً حتى انقضاء الأزمة، وهو أسلوب أتفق معه شخصياً، رغم أنه يلاقي رفضاً في مجتمعات كثيرة، خصوصاً أوروبا وأميركا. لكني أقول إن الصدمة أسلوب مهم لإيصال الرسالة إلى الأفراد غير المنضبطين في أوقات الأزمات.
وأورد مثالاً شاهدته في شوارع سنغافورة، منذ 16 عاماً، وهو إعلان توعوي ضد إدمان المخدرات، عبارة عن صورة لفتاة فاقدة وعيها في حمام وسط قيئها. وعلى الصورة جملة: «لو كنت مدمن مخدرات اتصل بالرقم التالي». صورة لم ولن أنساها أبداً!
بالعربي: كلما أقرأ كلمة مخدرات أتذكر إعلان سنغافورة الصادم وأتقزز من المخدرات. واليوم سأتذكر دائماً أهمية غسل اليدين بالماء والصابون أو تعقيمهما بسبب فيديو «تشوف البكتريا؟».. هكذا هي الفيديوهات التوعوية في أوقات الأزمات، وليست بالتهريج والغناء!
Abdulla.AlQamzi@emaratalyoum.com
لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .
التهريج ليس أسلوباً للتعامل مع مخلوق ذكي وواعٍ ونبيه وسريع التعلم.