5 دقائق
«كورونا» والاستغلال
عند الشدائد تظهر معادن الناس، تعرف من معك ومن ضدك، تميز فيها بين الصالح والطالح، بين العاقل والمعتوه، بين من يستحق التقدير ومن لا يستحق، وأزمة «كورونا» وما مر بها من ردود أفعال وتصرفات أوضحت لنا كل ما سبق.
تاجر لا يبالي إلا بمصلحته الشخصية، يستغل الأزمة أشد استغلال، ليرفع أسعار الكمامات أضعاف سعرها الحقيقي، وتاجر آخر يحتكر مواد التعقيم، ليستفيد هو الآخر بلا أي ذمة أو ضمير.
برنامج الـ«واتس أب» تحول إلى بؤرة من بؤر مرض كورونا، لا حديث إلا عنه، شائعات لا تنتهي ولا تتوقف، «فاشنيستا» لا علاقة لها بالطب، تعطي نصائح عن كيفية معالجة المرض، وآخر بالكاد يعرف الكتابة يعلن عن اكتشاف لقاح يقضي على الفيروس، وأخبار غريبة عن المرض، لا نعرف صدقها من كذبها، تنهال علينا على مدار الساعة من دون توقف.
الطامة الكبرى كانت في التسجيل الصوتي الذي انتشر في الـ«واتس أب» عن فرض حظر التجول، لتتحول الجمعيات التعاونية وأسواق الـ«هايبر ماركت» إلى ساحة يتدافع فيها الصغير والكبير من كل حدب ينسلون، وتصبح المواد الاستهلاكية أثراً بعد عين!
هنا استغرب كيف أن هناك من يصدق مثل تلك الشائعات والتخاريف، فالسلع الاستراتيجية متوافرة، ولا يوجد أي نقص إلا في عقول أولئك الذين يشذون بتفكيرهم عن القاعدة، فليس هناك ما تخفيه الحكومة والجهات المسؤولة، وليست هناك قرارات سرية، بل هي واضحة ومعلنة للجميع.
عندما تصدر الدولة قراراتها في وقت الأزمات، فإنما يكون ذلك للمصلحة العامة المقدمة على مصلحة الفرد، ولا مجال هنا للاستياء والتذمر، بل سمعاً وطاعة لكل قرار للحفاظ على أرواح البشر، وهنا يتعين علينا التصرف بعقلانية وموضوعية، نُحكّم صوت العقل في ردود أفعالنا، ولا نقدم على أي خطوة دون تفكير، والأهم من كل ذلك الامتناع عن كل فعل يضرنا ويضر غيرنا، لكي لا تصدق مقولة الكاتب مارك توين: «أكثر العناصر انتشاراً في الكون، الأوكسجين والغباء!».
Emarat55@hotmail.com
Twitter: @almzoohi
لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .
السلع الاستراتيجية متوافرة، ولا يوجد أي نقص إلا في عقول أولئك الذين يشذون بتفكيرهم عن القاعدة.